“لو أمطرت السماء حرية، لرفع بعض العبيد مظلة للاختباء”، تلك المقولة تمثل حالنا بشكل منصف، لربما خلقنا جميعاً أحراراً، لكن البعض منا “يعشق” أن يكون في طوابير التبعية وتنفيذ الأوامر، لربما حاول البعض الخروج من دائرة الهوان والذل، لكن أصحاب المعالي، والجلالة، والسمو، أبوا إلا استخدام المطرقة على رؤوسهم.
منذ سبعة أشهر قامت السلطات السعودية بحجب هذه الصحيفة العربية المستقلة، بحجة أن سطورها لم “تهلل” فرحاً بطائرات الحزم المحلقة في نزهة على رؤوس أشقاء اليمن “الحزين” كما فعلت زميلاتها، قناة “الميادين” البرتقالية لم تسلم أيضاً بذات الحجة، ومنعت من البث على مدار “عربسات” المملوك للعربية السعودية، اليوم يصل النفوذ السعودي إلى قمر “نايلسات” المصري، ويمنع قناة “المنار” التابعة لحزب الله، من زيارتنا في بيوتنا، والحجة هذه المرة أنها تحرض على “الطائفية”!
لا بد للجميع أن يسلم ولا يناقش، لا بد أن تسبح بشد الباء الأقلام بحمد السعودية، لا مجال هنا لأي صوت حر، لا بد أن تتمتع بدرجة عالية من العبودية حتى تستطيع الاستمرار إن كنت صوتاً مكتوباً، أو مرئياً، لا تصدق أبداً أن هناك من يحرص على الأمة العربية والإسلامية، لا تحاول فكل من لم يرفع راية الاستسلام “الخضراء”، فهو إما عميل أو داعر، ملحد، أو كافر، ولربما “داعشي”، رافضي، عميل لإيران، ويقبض من جيوبها، وحدهم أصحاب القبعات والثوب الأخضر، من يمرون بسلام، ويسيرون بكل ثقة إلى الأمام!
بحجة “الطائفية”، تتوقف قناة “المنار” عن البث، وبحجة “الحرية” نتضامن معها هنا بكل ما نملك من حروف، ونتساءل عن تلك “الأفلاطونية” التي تتمتع بها قنواتنا، وتلك البرامج “الشيطانية” التي كانت تقدمها “المنار”، أيعقل أنهم لم يسمعوا بالقنوات العربية التي تحرض على قتل المحاصرين من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ وأيعقل أنهم لم يشاهدوا قنوات الرقص والإباحية؟ ولو فرضنا أن “المنار” لا تقدم إلا “الطائفية” المرئية، أليست هناك قنوات على شاكلتها في الداخل السعودي كانت وما زالت تحرض ليلاً نهاراً على الطائفة “الشيعية”، وتهاجم رموزها وقياداتها؟ لربما حتى “الطائفية” في السعودية تذهب إلى الخياط وتفصل ثوبها على ما يناسب سلطاتها!
الكلمة الحرة ستبقى سيفنا الذي نقاتل فيه لنبقى أحراراً، فلا مكان للمظلات في عقولنا، وكما استمرت هذه الصحيفة في تأريق من يخافون النقد، وأصوات كتابة الحروف، لا بد أن تجد قناة “المنار” مكانها مجدداً لتبث للأحرار الذين لا تكتمل حريتهم إلا بوجودها، ووجود أمثالها، وطالما سعوا لمنعها، فلا بد أنها كانت تقوم بعملها على أكمل وجه، ودائماً أينما كانت الحرية سيتبعها الأحرار، وأينما فرض الجلاد عبوديته، ستجد من يبررونها، ويتبعونها، وما بين هؤلاء، وأولئك عليك الاختيار، لكن تذكر أن الحرية دائماً.. كلفتها باهظة!
كاتب وصحافي فلسطيني