كشف التقرير السنوي للمرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، عن "تراجع" الحريات العامة فى موريتانيا خلال 2015، نتيجة ضعف السلطتين التشريعية والقضائية وهيمنة السلطة التنفيذية عليهما، لافتاً إلى تأثير ذلك سلباً على "الطبيعة المركزية للحكم".
واستعرض التقرير أبرز الملفات الحقوقية، مركّزاً على ملف العبودية، إضافة إلى الحريات العامة وحرية الإعلام.
العبودية موجودة رغم النفي الرسمي
فى ملف العبودية، اعتبر التقرير أن الحكم بالسجن على نشطاء منظمة "إيرا"، هو أسوأ تطور شهده ملف مكافحة الاسترقاق في موريتانيا، لافتاً إلى أن الضغط الحقوقي دفع الدولة الموريتانية إلى إعادة طرح قضية العبودية وتعريفها عبر "خريطة الطريق" التي أطلقتها عام 2014 للقضاء على العبودية ومخلفاتها، والتي اقتصر الحديث عنها على الأروقة الرسمية ومع المنظمات الدولية، بدون تنفيذها فعلياً.
وأشار التقرير إلى أن التشريعات والقوانين التي أصدرتها الحكومة في هذا الصدد لم يتم التشاور بشأنها مع المنظمات الحقوقية، كاشفاً عن التناقض الرسمي فى التعامل مع الملف بين نفي وجود العبودية من جهة، وبين تقديم قضايا للمحاكم وتكييفها قضائياً على أنها حالات استرقاق من جهة ثانية.
وكشف التقرير أن عام 2015 شهد 20 حالة استعباد في موريتانيا. كما أعلنت منظمة "نجدة العبيد" عن 10 حالات في ولاية الحوض الشرقي.
واقترح المرصد "استحداث جهاز أمني خاص لتعقب جرائم العبودية"، معتبراً أن "ليس من الممكن أن تبقى الدولة الموريتانية معتمدة على الإمكانيات المحدودة للمنظمات الحقوقية"، في محاربة الظاهرة.
حالة اعتداء على الصحافيين
أكد تقرير المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، تراجع حرية التعبير والرأي فى موريتانيا خلال عام 2015، مقارنة بالسنوات التي سبقته، مسجلاً 13 حالة اعتداء على الصحافيين، فضلاً عن توقيف برامج تلفزيونية وإذاعية وثلاث قنوات تلفزيونية.
وانتقد المرصد التقارير الدولية التي تشير إلى تقدم موريتانيا على دول عربية (رغم الواقع السيئ لهذه الدول) في مجال حرية الصحافة، معتبراً أنها "لم تتابع تفاصيل الواقع الموريتاني بأدوات الفحص والتدقيق اللازمة".
كما أشار إلى قمع الشرطة الموريتانية عددا من المظاهرات والاحتجاجات الشعبية، منها المظاهرات الشبابية المطالبة بتوفير النقل الجامعي، والاحتجاج ضد وزارة الصحة لتكتمها على انتشار الحمى النزيفية، فضلاً عن قمع مظاهرات نظمها نشطاء حركة "إيرا".
واعتبر أن منع السلطات الموريتانية الترخيص لعدد من الأحزاب السياسية، ينتهك الحق في التجمع المنصوص عليه فى المادة 10 من الدستور الموريتاني.
تراجع المكتسبات الحقوقية
من جهته، أوضح الدكتور عبدالله بيان، رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، لـ"العربي الجديد"، أن واقع حقوق الإنسان والحريات العامة في موريتانيا يشير إلى تراجع المكتسبات، وقال: "إذا كانت الوضعية الحقوقية في موريتانيا حالياً أحسن من غيرها من الدول، إلا أنها إذا استمرت في التدهور على نفس الوتيرة التي شهدها عام 2015، فستكون موريتانيا قريباً في ذيل قائمة الدول العربية والأفريقية".
أما بالنسبة لملف العبودية فقال: "توصلنا إلى نتيجة مفادها أن الشخص المستعبَد لابد أن يقتنع هو بأهمية الحرية أولاً، ويتصل بالمنظمات الحقوقية من أجل المساعدة. للأسف، وعلى الرغم من تكييف هذه الحالات قضائياً على أساس أنها حالات استرقاق وحُبس مُمارسوها أول الأمر، إلا أنهم بعد مدد قصيرة يتم اختلاق مبررات لهم وتطلق السلطات سراحهم على أساسها، وهو ما يؤشر إلى عدم جدية هذه السلطات في استئصال الظاهرة".
واقترح البيان "التخفيف من الطبيعة المركزية للحكم، وإعادة الاعتبار للسلطتين التشريعية والقضائية، وتفعيل القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان، وتطبيقها على الواقع. والتعاطي الفاعل مع المنظمات الحقوقية الوطنية".
العربي الجديد