أكد ممثل جبهة البوليساريو في المملكة المتحدة، محمد لمام محمد عالي، أن “الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة” في النزاع حول قضية الصحراء الغربية.
جاء ذلك في مقابلة أجراها معه موقع “الصحراوي” عقب التصعيد المغربي الأخير والحملة التي يشنها ضد منظمة الأمم المتحدة وشخص أمينها العام، بان كي مون، بسبب تأكيده في زيارته للمناطق المحررة من الجمهورية الصحراوية ومخيمات اللاجئين الصحراويين، على أن المغرب يحتل الصحراء الغربية.
وقال الدبلوماسي الصحراوي “الأسابيع القليلة القادمة ستكون بإذن الله حاسمة، وهو ما جعل المغرب يفقد صوابه وجعله في مواجهة حقيقية مع أكبر منظمة دولية”، مضيف “الدفاع عن سلوكيات المغرب وتعنته أصبح يوما بعد يوم يسبب إحراجا حقيقيا لأصدقائه، فنحن الآن مطالبون بتفويت الفرصة على المغرب وعدم الإقدام على عمل مرتجل مع عدم القبول بسياسة الأمر الواقع حتى يتمكن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال”.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
ــ سؤال: كما هو معلوم، سيناقش مجلس الأمن مع مطلع شهر أبريل القادم قضية الصحراء الغربية ومهام البعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء في الإقليم (مينورسو)؛ في اعتقادكم ما المنتظر من هذه المناقشات، خاصة فيما يتعلق بالمينورسو، إذا ما أخذنا في الاعتبار عدم مناقشة مجلس الأمن في اجتماعه الأخير، يوم الخميس الماضي، موضوع طرد المحتل المغربي لموظفين من البعثة؟ هل تعتقدون أن الأمر سيناقش من جديد أم أنه حسم بما اتخذ في حقه في جلسة الخميس؟
ــ جواب: بعد النقاش الذي دار يوم الخميس ونتيجة لانعدام الإجماع داخل المجلس الناجم عن معارضة كل من فرنسا، السنغال، مصر، إسبانيا واليابان لموقف صارم من مجلس الأمن ضد المغرب ما فرض بدل ذلك أن يحاول الأعضاء على مستوى ثنائي لإيجاد حل لهذه الوضعية. هذا الرد لم يقنع الأمين العام، وهو ما جاء على لسان ناطقه الرسمي الذي وصف رد مجلس الأمن بالرد المبهم، وهو ما دفع بمجلس الأمن للاجتماع من جديد يوم الإثنين الماضي وتلاه بعد ذلك مأدبة غذاء للأمين العام للأمم المتحدة مع أعضاء مجلس الأمن، وهو اللقاء الذي وصفه الناطق الرسمي للأمين العام باللقاء الإيجابي ولم يقف إلى جانب المغرب سوى فرنسا، مصر والسينغال. ولكن قبل التطرق إلى سؤالكم لابد من العودة إلى بداية الأزمة المفتعلة من طرف المغرب ضد الأمين العام والحملة الشرسة ضد شخص الأمين العام.
وبالرجوع إلى سؤالكم، باعتقادي هناك أربعة مؤشرات يمكن أن تحدد ملامح لهذه الوضعية: أولا موقف الأمين العام بهذا الخصوص باعتباره في عين العاصفة، ثانيا رد مجلس الأمن، ثالثا التقرير الذي سيقدمه الأمين العام مطلع شهر أبريل القادم لمجلس الأمن، وأخيرا القرار الذي سيصادق عليه مجلس الأمن في نهاية نفس الشهر.
بخصوص موقف الأمين العام، إلى حد الساعة لا يمر يوم إلا يزداد صلابة ووضوحا بسبب تعنت، وقاحة وتنصل المغرب من التزاماته القانونية، وهنا لا بد أن نذكر باجتماعه بوزير خارجية المغرب خلال هذا الشهر والبيان الصادر عن الأمين العام الذي كانت لهجته حادة ونوع من التوبيخ الدبلوماسي، والدليل الثاني هو الرد من خلال مذكرة شفهية في 23 من هذا الشهر على أخرى سبق أن تقدم بها المغرب في 16 من هذا الشهر، مذكرة الأمين العام كانت واضحة فمن بين ما جاء فيها إبلاغه بقلقه العميق إزاء الاجراءات المتخذة من طرف الحكومة المغربية بانتهاكها لاتفاقية انتشار المينورسو ومطالبة المغرب بالامتثال الفوري لالتزاماته الدولية إزاء بعثة المينورسو. ببساطة المغرب لا يحق له طرد قوات بعثة تابعة للأمم المتحدة من إقليم لم يستكمل استقلاله بعد وسبق أن وافق على انتشارها به، وبالتالي مجلس الأمن مطالب باتخاذ موقف صارم من المغرب من أجل إعادة انتشار المكون المدني والسياسي للمينورسو، وإلا فيمكن أن تتكرر نفس الحالة مع بعثات أخرى منتشرة في أرجاء المعمور وبالتالي ستفقد الأمم المتحدة كل مصداقيتها من أجل التوصل السلمي لأي نزاع ما يعني ترجيح العودة إلى الحرب.
ــ سؤال: برأيكم ماهي الأسباب الحقيقية التي دفعت المحتل المغربي إلى طرد موظفي بعثة المينورسو؟ هل تتفقون مع الآراء التي تقول بأنه يريد بذلك جر البوليساريو إلى البدء في شن عمليات عسكرية لاستئناف الكفاح المسلح من جديد؟ أم أنكم ترون ما يراه البعض ــ خاصة مسؤولين كبار في البوليساريو ــ حيث يقولون أن من وراء ذلك أطراف دولية أخرى تملي على المغرب ما يفعله، ومنه ما قام به في حق البعثة الأممية؟ ما رأيكم في الموضوع؟
ــ جواب: النظام المغربي يعلم علم اليقين بأن الصحراء الغربية مدرجة ضمن أجندة الأمم المتحدة منذ سنة 1963 أي منذ 53 سنة كإقليم لم يستكمل استقلاله بعد الذي هو مصطلح لتلطيف عبارة مستعمرة وموضوعها لازال يناقش كل سنة ضمن أشغال اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار إلى جانب 18 حالة مماثلة.
وبالتالي الصفة القانونية للصحراء الغربية واضحة: إقليم لم يستكمل استقلاله بعد ولشعبه الحق في تقرير مصيره من خلال استفتاء حر ونزيه تحت إشراف الأمم المتحدة.
الهجمة الشرسة التي شنها النظام المغربي ضد الأمين العام للأمم المتحدة بعد زيارته للمنطقة من أجل الدفع بعملية السلام الأممية إلى الأمام والتسريع بحل لهذا النزاع الذي عمر طويلا ليس لها ما يبررها لأن تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة لم تكن أبدا مخالفة لميثاق الأمم المتحدة، قرارات مجلس الأمن ولوائح الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الخصوص.
لكن الخلفية الحقيقية التي تكمن وراء كل هذه النرفزة والضجة الإعلامية للمخزن وأحزابه هي وقوف المنتظم الدولي على زيف الأطروحة المغربية، انعدام الإرادة السياسية لديه من أجل التوصل إلى حل حر وديمقراطي من أجل إنهاء الاستعمار من آخر مستعمرة في أفريقيا، كل هذا سبب ويسبب للمغرب في عزلة حقيقية ومواجهات مع أي بلد أو منظمة تتجرأ بالوقوف إلى جانب الشرعية الدولية والمطالبة بتطبيقها في نزاع الصحراء الغربية. وأمام هذه الوضعية سيعمل المغرب إلى الابتزاز من خلال إطلاق أحكام مسبقة على التقرير الذي سيقدمه السيد بان كي مون إلى مجلس الأمن الشهر المقبل بالإضافة إلى محاولة إفشال زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للمغرب نهاية هذا الشهر وإفشال كذلك الجزء الثاني من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة لكل من المغرب والأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية شهر جوان المقبل.
إن الطبيعة التوسعية للنظام الملكي في المغرب وحلم “المغرب الكبير” الذي أصبح هذه الأيام كابوسا هي التي ساهمت في احتلال المغرب للصحراء الغربية والذي يعتبره العديد من المختصين في دراسة النزاعات من أكبر الخروقات للنظام الدولي الذي تم إرساؤه بعد الحرب العالمية الثانية، وهنا لابد أن نذكر بأن الأمم المتحدة تم إنشاؤها من أجل تجنب ضم أراض الغير بالقوة.
أمام العزلة الحقيقية التي يعيشها المخزن لا يمكن استبعاد أي فرضية، لكن يجب أن نذكر بأن الوقوف إلى جانب المغرب أصبح يشكل إحراجا كبيرا للدول التي تحترم نفسها.
ــ سؤال: المملكة المتحدة كطرف بارز في المنظومة الدولية وفي مجلس الأمن خاصة، ومع ذلك لم يرى منها المتتبع لمجريات الأحداث المتسارعة حول القضية الصحراوية أية ردة فعل ــ على الأقل إلى حد الآن ــ إذا ما استثنينا التضامن الذي تبديه حركات المجتمع المدني مع القضية وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.. إلى ماذا يُعزى ذلك في نظركم وأنتم الأدرى بالموضوع باعتباركم ممثلا للجبهة في لندن؟
ــ جواب: بالرغم أنني لا أشاطركم الرأي بالمجمل، فالسبب يمكن أن يعزى إلى أن الدبلوماسية البريطانية باعتبارها دبلوماسية لبلد يعتبر أقدم ديمقراطية في العالم ويحترم نفسه لا يمكنه أن يلجأ إلى دبلوماسية مكبر الصوت والازدواجية في المعايير بصيغة مكشوفة، لكن من باب الانصاف لا بد من الاعتراف بأن الموقف الحالي حتى وإن قبلنا بوصفه بالمتقدم بالمقارنة مع بلدان أخرى وازنة يبقى غير كاف ونأمل أن يتطور بالرغم من المحاولات اليائسة للمغرب.
لوضع قرائكم الكرام في صورة عن هذا الموقف لا بد بالتذكير بما يلي:
تحظى بريطانيا باعتبارها عضو دائم في مجلس الأمن وعضو مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية بمجلس الأمن بأهمية كبرى في العمل الدبلوماسي الهادف إلى تحصيل موقف متقدم بخصوص القضية الوطنية من جميع الدول وخاصة التي تتمتع بالعضوية الدائمة. وقد شهد موقف الحكومة البريطانية خلال السنوات الأخيرة تقدما مهما بالمقارنة مع باقي أعضاء مجلس الأمن.
ولم يكن الموقف البريطاني الرسمي المتقدم ليحصل إلا بالدور الفعال للمجموعة البرلمانية من أجل الصحراء الغربية والحركة التضامنية مع الشعب الصحراوي وعمل مكتب جبهة البوليساريو بلندن الذي يعتبر واحدا من أقدم مكاتب الجبهة بأوروبا.
نسجل الموقف المتقدم بخصوص مسألة حقوق الإنسان وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، والثروات وكذا الاتصال الدائم بجبهة البوليساريو من خلال ممثليتها بشأن تلك المسائل.
فالحكومة ظلت تعلن وبكل وضوح دعمها لإنشاء آلية لمراقبة حقوق الإنسان في المناطق المحتلة والمحررة ومخيمات اللاجئين، كما أكدت مرارا على دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، كما أبانت الحكومة البريطانية عن موقف شجاع من اتفاقية الصيد المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بسبب تضمنها للمياه الإقليمية للصحراء الغربية، حيث امتنعت عن التصويت كما جاء في رسالة بعثت بها وزارة الخارجية البريطانية إلى مكتب جبهة البوليساريو بتاريخ 12 ديسمبر 2013 بخصوص موقف الحكومة البريطانية من اتفاقية الصيد.
وعلى مستوى اللقاءات مع مسؤولين من جبهة البوليساريو، فهناك تواصل مستمر سواء تعلق الأمر بلقاءات بمقر الخارجية أو من خلال المراسلات المستمرة التي عادة ما تتعلق بآخر المستجدات المتعلقة بهذا النزاع الذي عمر طويلا.
جدير بالذكر أن الحكومة قد أكدت على تواصل المسؤولين البريطانيين مع جبهة البوليساريو لمناقشة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية بالمنطقة، كما جاء في رد وزير الدولة السيد هوغ روبيرتسون على سؤال البرلمان البريطاني بهذا الخصوص يوم 18 مارس 2014.
كما أن الخارجية البريطانية تضطلع بشكل دائم بمتابعة أوضاع حقوق الإنسان في المناطق المحتلة من خلال الزيارات المنتظمة التي تقوم بها سفارة بريطانيا بالرباط إلى المناطق المحتلة للاطلاع على الأوضاع الحقوقية والاقتصادية من خلال لقاء النشطاء الصحراويين.
اضغط هنا لقراءة المقابلة في المصدر