
آن لفخامة الرئيس أن ينتقل إلى الفعل، فقد أنذر وأعذر في خطاباته من كل ما يناقض دولة المواطنة العادلة الآمنة من نزعات وسلوكيات،لذلك،فإن عليه أن يدرك أن من يعيق تحقيق خطاباته على أرض الواقع،بالدرجة الأولى، هم من يمسكون بإدارة مرافق ومؤسسات الدولة تحت سلطته،فهؤلاء يعملون بوصفهم منتدبين من زعامات قبلية أو فئوية لتسخير المرفق العمومي لخدمة مصالحها،لهذا نرى هؤلاء يسارعون إلى تنظيم مبادرات لشرح خطابات فخامة الرئيس الواضحة ليستعيضوا بذلك عن القيام بما يترتب عليهم من إجراءات عملية لتجسيد الخطابات على أرض الواقع ليقتنع المواطن العادي بجدية النهج وصدق التوجة.
يا فخامة الرئيس أدعوكم للبحث عن أجوبة صادقة وحاسمة للأسئلة الآتية،حتى تتمكنوا من مخاطبتنا لاحقا بجرد ما تحقق في نطاق دعوتكم لإقامة دولة القانون والمواطنة:
١. هل تعتمد القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية التابعة لها معيارية قائمة على الكفاءة والنزاهة تطبق عبر مساطر موضوعية وشفافة في كل عمليات التوظيف والترقية أم لا،وهل تأكد لديكم خلو الإدارة من الزبونية ؟
٢.هل الأراضي غير المأهولة ملك فعلا للدولة،تستطيع منحها لمن شاءت من المواطنين أو الترخيص داخل جزء منها لإقامة مشروع تنموي لأي رجل أعمال وطني أو مستثمر أجنبي،أم هي بحكم واقع الحال مقسمة بين القبائل،وكل قبيلة تعرف مجالها الحيوي وحماها الذي لا يستطيع،اليوم، غير المنتمي إليها حفر بئر داخله أو إقامة عريش به؟وما الذي قامت به الدولة فعلا للقضاء على النزاعات القبلية في هذا المجال، لتأكيد جديتها في تطبيق القانون؟
٣.ماذا فعلت الإدارة لتجاوز عقبة التنمية الكأداء في بلادنا ،المتمثلة في أن الأراضي الزراعية لا زالت تسيطر عليها ملكيات تقليدية،القائمون عليها لا ينتجون ولا يسمحون للمستعد للعمل والإنتاج من أستغلال تلك الأراضي المعطلة أو المستغلة جزئيا بواسطة نوع ما من السخرة المتوارثة؟
٤.هل تم تجاوز عقبات الترخيص لمن شاء بإقامة تنظيمه الحزبي الذي يختار طبقا للدستور ولقوانين الجمهورية،لتختفي الحاجة إلى الاحتماء بالكتل القبلية والفئوية كإطار للعمل السياسي؟
أعتقد أن أهتمام فخامة الرئيس بالسعي الجدي لمعرفة ما يتخذ من آجراءات عملية في نطاق التحديات السابقة هو ما يشكل أولوية لدى المواطن العادي الذي يشكل تجسيد الخطاب السياسي لديه، حلما رافق نشأة الدولة الحديثة،وظلت النخب الإدارية والسلطوية تحول دون تحقيقه في الممارسة مع سعيها القديم المتجدد لتأليف المجلدات لشرح وتعميق الخطابات الواضحة وتدبيج القصائد العصماء في الخطابات التاريخية،لأن مصالحها تقوم على وجود كيانات قبلية وفئوية متشاكسة ومتصارعة ليسهل بالدوام تأليبها وتعبئتها طبقا لما يستجد من حاجات أنتخابية أو صراعية.

