موريتانيا: ثقافة بين المناسباتية والفولكلور

30 ديسمبر, 2015 - 15:50

لم يتأثّر المشهد الثقافي في موريتانيا كثيراً، خلال هذا العام، بارتباكات الساحة السياسية التي شهدت فشلاً متكرّراً لمحاولات الحوار بين الفرقاء. لكن ذلك لا يعني أنه عرف طفرةً أو محطّات مفصلية، إذ اقتصر الأمر - أو كاد - على الأنشطة الثقافية التي اتّخذ معظمها طابعاً فولكلورياً.

لعل 2015، كان عاماً سعيداً للسينما الموريتانية التي عاشت خلاله امتدادات النجاح الذي حقّقه "تمبكتو" (2014) فيلم مواطنها عبد الرحمن سيساكو. فإضافةً إلى الجوائز الكثيرة التي نالها في مهرجانات سينمائية عربية وأجنبية، حاز الفيلم الذي يتناول يوميات مواطنين عاديين في مدينة تمبكتو التاريخية، شمال مالي، أثناء سيطرة الجماعات التكفيرية عليها في 2012، جائزة "سيزار" الفرنسية لأفضل فيلم في شباط/ فبراير الماضي، فيما حاز سيساكو على جائزة أفضل مخرج.

صحيحٌ أن العمل أُنجر بإنتاج مُشترك بين أكثر بلد، لكن المؤكّد أنه وضع في المشهد السينمائي العربي والعالمي اسم بلد لم يكن يُذكر في المحافل السينمائية.

لعلّ ذلك، كان أحد الدوافع التي حذت بمخرجين موريتانيين إلى المبادرة بإنتاج أفلامهم الخاصّة. يقول هؤلاء إن المجتمع الموريتاني لا يتقبّل السينما، وإن البلد لا يملك صالات عرض أصلاً. لكن هذا لا يعني الاستسلام للأمر الواقع، بما أن السينما تعني - ضمن ما تعنيه - مجابهة الواقع والسير ضدّ التيار، وليس مسايرته.

المختار محمد يحيى

هكذا، خاض المخرج والممثّل سالم دندو، الذي شارك في "تمبكتو" ممثّلاً، تجربة إخراج أول فيلم من إنتاج موريتاني بحت؛ حيث يتشكّل كل طاقمه، من ممثّلين وتقنيين موريتانيين، إضافةً إلى تمويله. يتحدّث العمل (60 د) عن قصّة فتاة خرساء تعيل أسرتها بالعمل بائعةً للنعناع في العاصمة نواكشوط، تتعرّف إلى مصوّر فوتوغرافي يكتشف موهبتها في التصوير، فيساعدها على تطوير تلك الموهبة.

العمل، وإن فتح باباً ظلّ مغلقاً لسنوات طويلة، فإنه أعاد أيضاً طرح مسألة غياب الدعم عن الإنتاج السينمائي، والذي يدفع بالسينمائيين الموريتانيين إلى طرق أبواب التمويل الأجنبي، وأيضاً، النقص الكبير في المشتغلين في الفن السابع، من ممثّلين وتقنيين، إضافة إلى غياب دور العرض. ولعلّ احتفاء وزارة الثقافة بالفيلم، يُخفي نوايا للخروج من هذه الدائرة المغلقة، وإيجاد خطة لدعم الإنتاج السينمائي.

في مجال السينما أيضاً، شهد العام إقامة فعاليات الدورة العاشرة من "مهرجان نواكشوط للفيلم القصير" في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بمشاركة أفلام سينمائية من السودان ومصر وتونس. المهرجان واحد من التظاهرات القليلة التي تحاول نفض الغبار على ركود المشهد السينمائي.

 

من التظاهرات التي أُقيمت أيضاً، بعيداً عن السينما، "مهرجان السلام عليكم للموسيقى" الذي استضافته نواكشوط في حزيران/ يونيو الماضي، بمشاركة قرابة 100 موسيقي من المغرب وتونس والسنغال ومالي وغينيا بيساو وكندا وأميركا وسويسرا والنيجر وبلدان أخرى. سعت التظاهرة إلى إبراز الجانب المشترك في الثقافتين العربية والأفريقية.

في مجال الفن الرابع، تميّز العام بحراك مسرحي اعتبره متابعون بادرة عودة إلى المسرح المحترف، خصوصاً مع "فرقة شروق المسرحية"، التي قدّمت عدّة عروض من بينها "الحب والماء والخرافة" للمخرج محمد ولد أبوه.

ناقش العرض الواقع العربي وانتشار سطوة الخرافات والتقاليد على المجتمع، كما قدّمت عرض "الحلم"، الذي تناول موضوع الوحدة الوطنية، خصوصاً بعد اتساع الفجوة بين الإثنيات والثقافات المختلفة في البلاد.

نهاية السنة طبعها تأجيل الدورة السادسة من "مهرجان المدن القديمة" الذي كان يُفترض أن تستضيفه مدينة وادان التاريخية في كانون الأول/ ديسمبر الجاري. لم تتّضح أسباب تأجيله، لكن متابعين ربطوه برحيل نجل الرئيس الموريتاني في حادث مرور.