بغداد: قمة عربية عادية وسط تصاعد الأزمة في غزة وتغيّرات وتحديات اقليمية متسارعة

17 مايو, 2025 - 16:45

 ميثاق +وكالات
أ حتضنت العاصمة العراقية بغداد، اليوم السبت 17 أيار/مايو، أعمال القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية، وسط استمرار العدوان في غزة مع تفاقم الأزمة الإنسانية ونقص الغذاء، وتأتي بعد يوم من إنتهاء جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخليجية والتي شملت كل من السعودية وقطر والإمارات.

وقد زُيّنت شوارع بغداد بأعلام الدول العربية الـ22، في مشهد يعكس الاستقرار النسبي الذي تعيشه المدينة بعد عقود من النزاعات والحروب، وهو حال يشمل العديد من المدن العراقية الأخرى.

قمة في ظلّ تحوّلات إقليمية

تنعقد هذه القمة وسط تغيّرات إقليمية بارزة، من بينها بدء السلطات السورية الانتقالية، برئاسة أحمد الشرع، فتح صفحة جديدة مع العالم العربي والغربي، كما تتواصل في الخلفية المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، وسط مؤشرات إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد.

ويشارك في القمة إلى جانب الزعماء العرب، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الذي كانت بلاده قد اعترفت العام الماضي بدولة فلسطين، ويُعد من أبرز القادة الأوروبيين المناهضين للسياسات الإسرائيلية.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أوائل القادة الذين وصلوا إلى بغداد، بعد ظهر الجمعة. وقال مصدر دبلوماسي لوكالة "فرانس برس" إن غالبية دول الخليج ستمثَّل على المستوى الوزاري.

"شرق أوسط جديد" يتشكّل

تأتي القمة في أعقاب اجتماع طارئ عُقد في القاهرة في آذار/مارس الماضي، تبنّى خلاله القادة العرب خطة لإعادة إعمار غزة تتضمن عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، في مواجهة مقترح أميركي مثير للجدل يقضي بتهجير السكان ووضع القطاع تحت إدارة أميركية مباشرة.

وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في مؤتمر صحافي الأربعاء، إن قمة بغداد "ستدعم" قرارات قمة القاهرة، مشددًا على أن القضية الفلسطينية تتصدر أولويات الاجتماع.

وفي 5 أيار/مايو، أعلنت إسرائيل خطة لـ"احتلال" غزة تتضمن تهجير سكان القطاع داخليًا، ما أثار موجة إدانات عربية ودولية.

وفي تصريحات أدلى بها من الدوحة يوم الخميس، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: "سأكون فخورًا لو امتلكت الولايات المتحدة غزة وأخذتها وجعلتها منطقة حرة."

مفاوضات نووية وظلال إقليمية

تُعقد القمة أيضًا في وقت تواجه فيه السلطات السورية الانتقالية تحديات كبرى لتثبيت حكمها، وتحديد أطر العلاقة مع مختلف المكوّنات الوطنية ومع المجتمع الدولي.

السوداني: سنقدم 40 مليون دولار لإعادة إعمار لبنان وغزة

لدى إلقاءه كلمة العراق، أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في كلمته خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في العاصمة بغداد، أن "رؤية العراق لنهاية أزمات المنطقة تنطلق من حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقه في الحياة الحرة الكريمة على أرضه"، مشدداً على ضرورة "وقف العدوان المستمر الذي يغذي الصراع والعنف".

واعلن السوداني عن إطلاق ثماني عشرة مبادرة طموحة لتنشيط العمل العربي المشترك، وفي مقدمتها مبادرة تأسيس "الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار ما بعد الأزمات والصراعات والحروب".

وأكد السوداني مساهمة العراق في الصندوق بمبلغ عشرين مليون دولار لإعمار قطاع غزة، ومبلغ مماثل لإعمار لبنان الشقيق.

وفي الشأن الفلسطيني، وصف رئيس الوزراء ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية بلغت من البشاعة ما لم تشهده كل صراعات التاريخ"، مجددًا رفض العراق "أفعال التهجير القسري للفلسطينيين"، وداعيًا إلى "إيقاف المجازر الوحشية في غزة والاعتداءات في الضفة الغربية والأراضي المحتلة، وفتح الأبواب أمام المساعدات الإنسانية".

وأضاف السوداني: "كلنا شاهد تلك الصور التي يظهر فيها الأطفال مصطفين بالمئات من أجل لقمة أو قطعة رغيف"، معتبرًا أن هذا الواقع "يفرض علينا كعرب مسؤولية تاريخية لا يمكن تجاهلها".

كما شدد السوداني على دعم العراق لجهود وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مدينًا "الاعتداءات المتكررة على سيادة هذا البلد الشقيق"، ومؤكدًا حرص بلاده على "أن يستعيد لبنان استقراره ودوره الطبيعي في المنطقة".

كما جدد السوداني مواقف العراق "الثابتة الداعمة لوحدة الجمهورية العربية السورية وسيادتها على كامل ترابها الوطني"، رافضًا "أي اعتداء أو هيمنة على أي أرض سورية".

وشدد على أن العراق "لن يبخل بأي جهد لدعم الأشقاء في سوريا لإقامة دولة المواطنة، وبناء نظام دستوري ديمقراطي عبر عملية انتقالية شاملة تضمن حقوق جميع أبناء الشعب السوري، وحرية الأديان، وتحارب الإرهاب بمختلف أشكاله".

أمير قطر: تعزيز تضامننا العربي وترسيخ التكامل بين بلداننا

وفي منشور له على إكس كتب أمير قطر تميم بن حمد "اجتمعنا اليوم في بغداد، في القمة العربية الـ34، والتي انعقدت في ظروف إقليمية ودولية تستوجب تعاوناً عربياً ودولياً لحل أزماتها، ونأمل أن تنعكس مخرجات وقرارات القمة في تعزيز تضامننا العربي وترسيخ التكامل بين بلداننا في كافة مجالات التعاون القائم، شاكرين لجمهورية العراق الشقيقة جهودها في توطيد أواصر الأخوة ودورها الفاعل في تدعيم العمل العربي المشترك".

 الرئيس المصري  من بغداد: العدوان الإسرائيلي دمر غزة ونطالب ترامب بالتدخل لوقف إطلاق النار

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته في القمة العربية الـ34 المنعقدة في بغداد، أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يصمد أمام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مشددًا على أن القطاع يتعرض لعملية "تدمير ممنهج" تهدف إلى دفع أهله للتهجير القسري.

وقال السيسي إن "الشعب الفلسطيني بقي صامدًا وغير قابل للانكسار رغم ما يواجهه من ويلات الحرب"، داعيًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى بذل كل ما يلزم من جهود لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء معاناة المدنيين.

وكشف الرئيس المصري عن نية بلاده تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة فور وقف الحرب، مؤكدًا أن "قيام دولة فلسطينية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة".

وفي الشأن السوري، دعا السيسي إلى استثمار رفع العقوبات المفروضة على سوريا بما يحقق مصالح الشعب السوري ويحافظ على وحدة أراضيه.

وفي ختام كلمته، أشار إلى أن السودان يمر بمرحلة دقيقة تتطلب دعمًا عربيًا عاجلًا للحفاظ على استقراره ووحدة مؤسساته  وسيادته الوطنية.

غوتيريش من القمة العربية: نرفض تهجير سكان غزة وندعو لحوار يمني ومساعدة الصومال

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال كلمته في القمة العربية الـ34 المنعقدة في بغداد، رفض المنظمة الدولية للتهجير المستمر لسكان قطاع غزة، مشددًا على أن حماية المدنيين أولوية لا يمكن التهاون بها.

وأشار غوتيريش إلى ضرورة احترام سلامة الأراضي اللبنانية وسيادتها، مؤكدًا أن الحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها أمر أساسي لأي تسوية سياسية مستدامة.

وفي الشأن اليمني، شدد الأمين العام على أهمية إطلاق حوار يمني-يمني شامل يفضي إلى حل دائم يُنهي معاناة الشعب اليمني.

كما دعا إلى ضرورة مواجهة العنف المتصاعد في السودان، والعمل على إنهاء دوامة الصراع التي تهدد مستقبل البلاد ووحدتها.

وتطرق غوتيريش إلى الوضع في الصومال، مؤكدًا أهمية مساعدة هذا البلد في تعزيز الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية.

وفي ما يتعلق بليبيا، قال إن الأمم المتحدة تتواصل مع الفاعلين الدوليين لدفع الجهود نحو إنهاء النزاعات وتحقيق الاستقرار الدائم.

سانشيز في القمة العربية: فلسطين تنزف ويجب مضاعفة الضغط على إسرائيل لوقف المذبحة

من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، خلال كلمته في القمة العربية الـ34 المنعقدة في بغداد، إن فلسطين تنزف أمام أعين العالم، مشددًا على أن ما يحدث في قطاع غزة "لا يمكن غض الطرف عنه".

وحذر سانشيز من أن الأرقام الصادرة عن الضحايا في غزة "مهولة وغير مقبولة"، وتشكل انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل.

واقترح رئيس الوزراء الإسباني تركيز الجهود الدولية على أربع أولويات رئيسية، تتمثل في:

إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة بشكل فوري.

مضاعفة الضغط على إسرائيل لوقف المذبحة المستمرة في القطاع.

المضي قدمًا نحو حل سياسي يحقق السلام العادل والدائم.
٢
تعزيز الحوار الأوروبي والعربي والإسلامي للتعامل مع أزمات المنطقة ومعالجتها بشكل مشترك.

وأكد سانشيز أن بلاده ملتزمة بالسلام العادل والدفاع عن حقوق الإنسان، داعيًا إلى دور أوروبي أكثر فاعلية في الشرق الأوسط.

-عباس في القمة العربية: إسرائيل تحتجز ملياري دولار ونطالب بانسحاب كامل من غزة

وخلال كلمته في القمة العربية الـ34 المنعقدة في بغداد، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن إسرائيل تحتجز نحو ملياري دولار من أموال السلطة الفلسطينية، محذرًا من التداعيات الخطيرة لهذا الإجراء على الوضع المالي والاقتصادي في الأراضي الفلسطينية.

ودعا عباس إلى انسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، مؤكدًا أن استمرار العدوان والحصار يهدد الاستقرار الإقليمي ويقوّض فرص السلام.

وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أن القيادة الفلسطينية ماضية في عملية إصلاح مؤسسات الدولة، بما يضمن الشفافية، وتعزيز الأداء الحكومي، تمهيدًا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

السوداني في القمة العربية: نعلن تأسيس "الصندوق العربي للتعافي".. ونرفض التهجير القسري للفلسطينيين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال كلمته في القمة العربية الـ34 المنعقدة في بغداد، عن مبادرة لتأسيس "الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار ما بعد الأزمات"، مؤكدًا أن العراق يسعى لتعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الإنسانية والاقتصادية.

وجدد السوداني رفض العراق القاطع لأفعال التهجير القسري بحق الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هذا الموقف "ثابت ولم يتغير"، في ظل ما يتعرض له الفلسطينيون من معاناة متواصلة بفعل الاحتلال.

كما عبّر عن دعم العراق لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مدينًا "الاعتداءات المتكررة على سيادة هذا البلد الشقيق"، ومؤكدًا أن احترام سيادة الدول ضرورة لا يمكن التهاون بها.

وختم السوداني بالتأكيد على أن العراق "يؤمن بأن الحوار هو السبيل الأمثل لتسوية الخلافات، بعيدًا عن العنف والتصعيد".

وزير الخارجية السوري في القمة العربية: نرفض الوصاية وأي مشروع لتقسيم سوريا.. ومن لا يحزن لغزة لا قلب له

وعلى الجانب السوري، أكد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، خلال كلمته في القمة العربية الـ34 المنعقدة في بغداد، أن سوريا ترفض أن تكون طرفاً في أي محور ضد آخر، مشددًا على أن بلاده "لا تقبل الوصاية ولا أن تكون ساحة لصراع الآخرين".

وقال الشيباني إن النظام السوري الجديد لا يُقصي أحدًا، ولا مكان فيه للتهميش أو الإقصاء، مؤكدًا أن رفع العقوبات عن سوريا يُعد خطوة أساسية على طريق التعافي وإعادة الإعمار، داعيًا الدول العربية إلى موقف موحد في دعم هذا المسار.

وجدد الوزير تمسك سوريا بوحدة أراضيها ورفضها لأي تدخلات خارجية، مؤكدًا أن أي مشروع يسعى لتقسيم الشعب السوري مدان ومرفوض، كما أشار إلى أن البلاد لا تزال "تدفع ثمنًا باهظًا نتيجة التدخلات الخارجية ومحاولات تفتيت المجتمع ودعم التحركات الانفصالية".

وأضاف الشيباني أن سوريا تواصل العمل الجاد للكشف عن مصير المفقودين وتحقيق العدالة الانتقالية، داعيًا إلى موقف عربي موحد لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.

وختم كلمته برسالة وجدانية قائلاً: "من لا يحزن لغزة، لا قلب له".