
مافتئت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الصهيونية العالمية وحلفاؤهما الغربيون يعتدون على الشعوب المُستضعَفة في كل بقاع العالم ويَسعون لإخضاعها بكافة الوسائل، وها هم يُجدِّدُون عدوانهم الخبيث الظالم اليوم على إخواننا في فلسطين من دون رادع ولا رقيب ولا حسيب… كعادتهم، باتوا يسعون إلى فرض منطقهم بالقوة العسكرية وبالقهر والحرمان والتجويع والإبادة الجماعية، وكأننا بدون مستوى البشر، وكأنهم جبابرة جدد في هذا الكوكب يذبحون ويحرقون ويقطعون إربا إربا مَن شاءوا مِنّا، مدّعين أنهم أرباب العالم وأسياده وينبغي أن نخضع جميعا لهم إِنْ اليوم أو غدا!!
لم يبق لهم سوى أن يُعلنوا عودتهم إلى تلك المرحلة التي جعلوا فيها الناس بين خيارين: إما القبول بالتَّحول إلى عبيد للأمريكي والصهيوني والغربي والخضوع لهم، أو القتل بكافة الوسائل من دون أي رادع لا قانوني ولا أخلاقي ولا ديني، بل وهل لمثل هؤلاء قوانين أو أعراف أو أخلاق أو دين؟ أبدا! ذلك أنهم أصبحوا ينتمون إلى الأصناف الأعلى فسادا في الأرض عبر التاريخ! تفوقوا على الفرعونية والنمرودية والوندالية والتترية وكل أشكال الطغيان والجبروت التي عرفها بني البشر، حتى باتت كافة الوسائل المتاحة لِمقاومتهم مشروعة اليوم، إلى حين نضطَرهم إلى الرضوخ والاستسلام في يوم من الأيام…
وذلك الذي تقوم به المقاومة اليوم في فلسطين وفي اليمن وفي غيرها من بقاع العالم، وذلك هو محتوى العنوان الرمز الذي يحكم فعلها في الميدان والمُعبَّرِ عنه عمق عنوان معركتها: “النصر أو الشهادة” أو كما قال زعيم المقاومة في لبنان الشهيد حسن نصر الله إننا نقاوم إما ننتصر أو ننتصر: إذا انتصرنا فقد انتصرنا وإذا استشهدنا فقد انتصرنا وقد انتصر بالشهادة بإذن الله…
لم يترك لنا الأمريكي أو الصهيوني سوى هذا البديل. لم يحترم قوانين ولا اتفاقيات ولا تفاهمات ولا وسطاء ولا غير الوسطاء، ولم ينجُ من طغيانه طفلا ولا رضيعا ولا امرأة ولا شيخا ولا مريضا ولا مُقعَدا، ولا حتى الشجر والحجر والتراب والماء والهواء سلم من جبروتهما واعتداءاتهما…
سواء “ترامب” الأمريكي أو “النتن” الصهيوني، أكدا اليوم، بإعادة شن عدوانهما على غزة واليمن أنهما وجهان لعملة واحدة، مُعْتَدَّان ومُعتديان بسلاح الجو المتفوقان فيه، ومُعتدَّان ومُعتديان بالبوارج الحربية والصواريخ الباليستية والقنابل النووية التي يمتلكانها، بل أنهما باتا يسعيان لِتركيع البشرية برمتها وليس فقط قطاع غزة وأبطاله بالقوة العسكرية خارج نطاق كل الضوابط الأخلاقية والقانونية والتي يمكنها أن تحكم علاقات الإنسان بالإنسان.. وبذلك يكونوا (مع حلفائهم) قد أكدوا لنا جميعا أنه ينبغي ألا يتم التعامل معهما سوى على هذا الأساس، لا ثقة في العلاقات معهما وفي وعودهما وما يُعلِنانه للعالم من أكاذيب، ولا علاقات اعتيادية معهما، بل يجب على كافة شعوب العالم المضطَهدة أن تتحد ضدهما وتقاوم جبروتهما وطغيانهما وظلمهما هذا بكافة الوسائل.
لم يبق مجال للدبلوماسية أو المفاوضات أو الحلول الوسطى بعد اليوم، وقد أصبحنا نعرف أن مثل هذه الأساليب لا تنفع معهم. بقي مجال واحد للرد عليهما وعلى من والاهما هو استخدام كافة الوسائل المتاحة للدفاع عن النفس…
وهو ما تفعله المقاومة اليوم في فلسطين واليمن وستفعله في باقي الجبهات، وهو ما ينبغي أن نقوم به جميعا في كافة بقاع العالم.
إن ما يحدث اليوم في غزة مؤشر خطير على القادم الذي يحضِّره لنا الأمريكي والصهيوني والغربي المتحالف معهما. سيستخدمون ذات الأساليب تجاه بقية الشعوب الإفريقية وفي آسيا وأمريكا الجنوبية وبقية العالم غير الغربي. جميعنا سنُستَهدَف بهذه الأساليب عاجلا أم آجلا، إذا لم ننهض اليوم ونقول لا للأمريكي والصهيوني وبكل حزم وقوة. لا يكفي أن ينوب عنَّا الفلسطيني في غزة أو الضفة، ولا يكفي أن ينوب عنا اليمني أو المقاوم في لبنان والعراق، بل على كافة الشعوب المقهورة اليوم أن تتصرف وكأنها “غزة” القادمة. لأن “غزة” ستُصبح، بل وأصبحت، مثالا يُقدَّم للتخويف والترهيب، وعلينا أن نوقف ذلك… إنها ساعة وعي وإرادة وفرصة حرية إذا أردنا.. لِنعمل في هذا الاتجاه وننصر إخواننا في كافة فلسطين وفي “غزة” بالتحديد وننصر كافة المضطَهدين في العالم…