عقد رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز الليلة البارحة بالعاصمة الاقتصادية نواذيبو مؤتمرا صحفيا بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ55 لعيد الاستقلال الوطني.
وشارك في هذا اللقاء بعض الصحفيين الموريتانيين وفق صيغة تقليدية اعتادت الرئاسة الموريتانية اتباعها في اختيار من يحاورون الرئيس؛ وربما في اختيار الأسئلة التي يطرحونها عليه أيضا!!.
وفي رده على سؤال يخص التدخل العسكري في اليمن؛ قال ولد عبد العزيز؛ إن هناك جهات عديدة تتكلم حول هذا الموضوع؛ لكن وزارة الدفاع الوطني والحكومة لا علم لهما بمثل هذا التدخل، وإن ما أشيع في هذا الشأن عار عن الصحة ولم يسبق أن تم نقاشه على المستوى الثنائي أو متعدد الاطراف.
وفي حديثه عن الإنجازات التي يعتقد أنتها تحققت في عهده؛ قال رئيس الجمهورية "إنه منذ 2005 تمت القطيعة مع الديكتاتورية، وتكميم الحريات، وتم إرساء سياسة مكافحة الفساد ضمن سياسة جديدة، كما دخل البلد في تغييرات جذرية انعكست إيجابا على عدة قطاعات".
وقال ولد عبد العزيز "إن البلد غني بمقدراته لكن الفساد الذي كان سائدا في البلاد قبل 2005 حال دون الاستفادة من هذه الثروات، واليوم تم توجيه ميزانية البلد بشكل كامل إلى التنمية المتوازنة سواء في مجال الأمن أو التعليم؛ حيث كانت هناك جامعة يتيمة وأصبحت هناك خطط على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وسط مشاريع تنموية في قطاعات البنى التحتية على ميزانية الدولة بعد أن انتقلت الميزانية من ميزانية مطاطة يشوبها الكثير من الفوضى والفساد والتخبط إلى ميزانية معقلنة"؛ وفق قوله.
وخص الرئيس بالذكر "ما تحقق منذ 2008 من إنشاء شركة للطيران لأول مرة غير مدينة تتوفر على أربع طائرات اليوم، علاوة على تطوير القطاع الصحي وإنشاء مؤسسات صحية مكنت من استقبال مرضى من الدول التي كنا في السابق نلجأ إليها للاستشفاء بما يستنزف ميزانية الدولة".
وأشار إلى "ما تحقق في مجال التكوين المهني والتخصصات الفنية ومتعددة التخصصات على حساب الدولة؛ وليس على أساس عون خارحي، علاوة على ما تحقق من ترسيخ للديموقراطية والحريات وفتح المجال واسعا أمام الصحافة لمحاورة من تشاء وحرية ما تطرح من أسئلة؛ حسب قوله.
وتطرق الرئيس لـ"ما كان يتم في السابق من مضايقات للمنافسين السياسيين، وسجن المترشحين في الانتخابات"، معتبرا أن ما تحقق في هذا المحال حق مكتسب للشعب الموريتاني لا يستطيع أحد التراجع عنه.
وقال ولد عبد العزيز |إن العرض العسكري الذي نظم اليوم احتفالا بالذكرى الـ55 للاستقلال الوطني، موجه إلى الشعب الموريتاني، مشيرا إلى أنه في هذه المرة اختير الاحتفال به خارج العاصمة من أجل إتاحة الفرصة لجميع ولايات الوطن لاستضافة هذه الاحتفالات، خاصة أن مدينة نواذيبو تتميز كذلك بتوفرها على منطقة حرة؛ مضيفا أن ما تم "هو أيضا رسالة إلى المشككين فيما تحقق في البلاد من إنجازات، كما أنه لا مانع من أن تأخذه الجهات الخارجية في الاعتبار".
وردا على سؤال يتعلق بقطاع الصيد، قال رئيس الجمهورية "إن هذا القطاع يحظى باهتمام خاص من طرف الدولة، وهناك استراتيجية يعكف القطاع على تنفيذها لزيادة مردوديته، كما يحظى المستثمرون بتشجيع كامل"؛ مضيفا أن الرخص ستكون مرتبطة مستقبلا بالاستثمار والبنى التحتية، خصوصا مخازن التبريد، وبشكل خاص توفير العمالة وتشجيع الشركات التي ستضيف قيمة مضافة لمواد الصيد بشكل عام.
وأشار رئيس الجمهورية إلى "العناية التي توليها الدولة لدعم البحارة وتعزيز قدرتهم وتوفير سفن آمنة تتوفر على أجهزة ملاحة عصرية، إضافة إلى تعزيز التكوين وتأمين البحارة وتحسين ظروفهم بما ينعكس إيجابا على حياتهم في إطار العناية بالفئات الهشة".
وفي رده على سؤال يتعلق بالإرث الإنساني، رأى الرئيس أن تلك الممارسات أثرت في الماضي على سمعة البلاد، وأن الأمر يتعلق بمشكلة تأثر منها الجميع.
وقال إنه تم إشراك المنظمات الحقوقية والأئمة وقادة الرأي فيما قيم به في هذا الشأن، دون تدخل من طرف الدولة.
واعتبر أن الحل الوحيد المتاح لم يكن سوى التعويض لأسر الضحايا ومساعدتهم على تجاوز محنتهم، وأن أسر الضحايا هم من اقترح الحلول التي تم تبنيها "ولا ينبغي توظيف هذه المسألة بما يؤجج الكراهية ويزيد التفرقة بين أبناء الوطن الواحد"؛ في إشارة لحركة "إيرا" ورئيسها بيرام ولد اعبيد.
وفي رده على سؤال يتعلق بما بعد 2019، موعد انتهاء المأمورية الرئاسية الثانية، قال رئيس الجمهورية إنه ينبغي التريث حتى يقترب هذا الموعد للجواب على هذا السؤال.
وردا على سؤال آخر حول ما نشرته صحيفة لوموند الفرنسية عن من تصفهم بمقربين من الرئاسة، تساءل رئيس الجمهورية عن هوية هذه الشخصيات ونفى بشدة علمه بما ورد في هذه الصحيفة؛ مضيفا أنه مع ذلك، فإن ثمة معلومات تشير إلى أن رجل أعمال موريتاني يقيم في الخارج ويقوم بتسريب "الأكاذيب ربما له صلة بهذا الموضوع"؛ في إشارة واضحة إلى رجل الأعمال محمد ولد بعماتو.
وأكد رئيس الجمهورية أنه لم يسبق له أن التقى بأي من موظفي تازيازت أو أحد مسؤوليها، إلا أنه طالما حذرهم من أي استغلال للنفوذ أو التعرض لضغوط باسم أي كان، مشيرا إلى أن المشاكل التي تتعرض لها "تازيازت" تتعلق بها هي، والدولة أبلغت القائمين على الشركة رسميا بقطع كل صلة بهم حتى ينجلي الوضع الذي هم بصدده.
وقال إن ما تقدمه هذه المؤسسة لبعض الجهات الأمنية يتم وفق ضوابط معروفة عالميا.
وردا على سؤال حول سحب النفعية عن جمعية المختار ولد داداه، أوضح رئيس الجمهورية أن القرار ليس موجها ضد هذه الهيئة ولا يتعلق بما راج بهذا الشأن؛ بل نظرا لإصدارها بيانا اعتبر إساءة للبلد، مبرزا ضرورة التفريق بين مساندة الرئيس وتشويه سمعة البلد.
ونفى الرئيس سحب الرخصة من الهيئة، قائلا إن ما حصل هو وقف الدعم المقدم لها بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
وقال إنه كرئيس للجمهورية، لا ينبغي له تجاهل ما ورد في ذلك البيان، وبناء على مشاورات في مجلس الوزراء، تقرر سحب ذلك التمويل كأقل إجراء يمكن القيام به.
وبخصوص مياه آفطوط الشرقي، قال ولد عبد العزيز إنه رغم التأخر الذي حصل واتخاذ إجراءات ضد جهات التنفيذ فإن المياه ستصل إلى مدينة النعمة سنة 2016.
كما تحدث الرئيس عن التفجير الذي وقع مؤخرا في باماكو، مبرزا أن دول منظمة استثمار نهر السنغال أعلنت الحداد تضامنا مع هذا البلد الشقيق.
وقال إن هذا التفجير يوضح المخاطر الإرهابية التي تتهدد المنطقة وإنه ينبغي تعزيز الإجراءات لمواجهتها.
ورأى رئيس الجمهورية أن خصوصيات مجموعة دول الساحل الخمس، هي التحديات المشتركة التي تتعرض لها، وهذا الإطار خاص بها، على غرار اتحاد المغرب العربي مثلا الذي يجمع موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا.
وأضاف أن هذه المجموعة تتوفر على إمكانيات هائلة للتعاون والتكامل تتيح لها اتخاذ إجراءات ضمن حدودها المشتركة لمواجهة الإرهاب؛ موضحا أن علاقات موريتانيا مع دول الجوار ممتازة والحدود معها مفتوحة.
وبخصوص موضوع الحوار، جدد رئيس الجمهورية التأكيد على أن الدولة جادة وماضية قدما في تنظيم حوار سياسي شامل دون محظورات بمشاركة جميع التشكيلات السياسية أغلبية ومعارضة؛ وأن في المنتدى حزبين على الأكثر مازالا يمانعان في المشاركة وأنه يأمل أن يغيرا موقفهما لاحقا.
وحول سؤال يتعلق بمنطقة نواذيبو الحرة ونية الدولة افتتاح جامعة في مدينة نواذيبو، قال رئيس الجمهورية إن معهدا لتعليم اللغة الانجليزية والترجمة سيرى النور قريبا وتصل مدة التكوين فيه إلى أربع سنوات.
وأضاف أن منطقة نواذيبو الحرة، وليد جديد يحتاج للكثير من الوقت ويتطلب مشاركة فعالة للقطاع الخاص وللمستثمرين الأجانب، مشيرا إلى أن مشاريع جديدة وواعدة قد بدأت بالفعل، من بينها مطار وميناء مما سينعكس إيجابا على تنمية مدينة نواذيبو ويمكن من تحسين ظروف ساكنتها.
وردا على سؤال آخر، أوضح رئيس الجمهورية أن المدعوين بيرام وإبراهيم، صدر بحقهما حكم قضائي يؤكد قيادتهما لمنظمة محظورة، مشيرا إلى أن هذا الحكم لا علاقة له بالاسترقاق؛ مضيف أن قادة "إيرا" أخفقوا في البرهنة على وجود أي ممارسة للاسترقاق في البلاد.