نظرا لما تعرفه البلاد هذه الأيام من اضطرابات ومظاهرات أدت إلى مواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن بسبب قرار رئيس الجمهورية تأجيل الإنتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 25 فبراير 2024 قبل ساعات قليلة من انطلاق الحملات الانتخابية وجهت جماعة عباد الرحمن السنغالية رسالة ناصحة ، صارحت فيها الرئيس سال أن لا أزمة في البلاد توجب هذا التأجيل وفي ما يأتي نص الرسالة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الجمد لله القائل في محكم تنزيله على لسان نبيه هود عليه السلام: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ “الأعراف – 68”
والصلاة والسلام على نبينا الكريم محمد الذي علمنا أن «الدين النصيحة». (رواه مسلم). وقال أيضا في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: “إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا، يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّى اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ”. (رواه البخاري)
فخامة رئيس الجمهورية!
لقد وضع أبناء الوطن ثقتهم فيكم مرتين على التوالي، بانتخابكم رئيسا لبلدنا العزيز، السنغال.
ولمواجهة التهديدات الخطيرة على استقرار البلاد، قمتم في يوليو 2023 بإعلان قراركم الجريء بالتخلي عن الترشح لولاية ثالثة تهدئة للوضع . وتعهدتم في الوقت نفسه باسم الشعب السنغالي الباسل على توفير الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات نزيهة شاملة تضم جميع شرائح المجتمع.
لقد أظهرتم، من خلال ذلك القرار الجريء، لمواطنيكم وللمجتمع الدولي بأسره، رغبتكم في الالتزام بتعهداتكم السابقة لأنكم كنتم على يقين بأن محاولة البقاء على السلطة سيدخل بلادنا في دوامة خطيرة لا يعلم مداها إلا الله.
وعليه، قمتم بموجب المرسوم رقم 2283 لسنة 2023 بتاريخ 29 نوفمبر 2023، بدعوة الهيئات الانتخابية إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 فبراير 2024. وقد أدى تنفيذ العملية إلى صدور قرار المجلس الدستوري لنشر القائمة النهائية لعشرين (20) مترشحا لخوض الانتخابات.
فخامة رئيس الجمهورية، إن القرار الذي اتخذتموه قبيل ساعات من انطلاق الحملة الانتخابية، معلنا النبأ المفاجئ للمواطنين والمتمثل في صدور المرسوم رقم 106 لسنة 2024 بتاريخ 3 فبراير 2024 والمتعلق بإلغاء المرسوم رقم 2023 -2283 بتاريخ 29 نوفمبر 2023، الذي كان قد حدد تاريخ الانتخابات، لتصرف لا ينسجم مع المنطق الذي سلكته قبل.
فخامة رئيس الجمهورية،
لقد أعلنتم، في خطابكم إلى الشعب “أن بلادنا التي لا تزال تحمل آثار وتبعات التظاهرات العنيفة التي جرت في شهر مارس 2021، لا يمكنها البتة أن تتحمل أزمة جديدة”
فخامة الرئيسَ! إننا لنؤكد، مع الأغلبية الساحقة من الشعب السنغالي، أنه لا توجد أزمة مؤسسية تبرر هذا القرار الذي يمكن أن تكون لها عواقب سيئة على السلم الاجتماعي والاستقرار في بلدنا العزيز.
إن العهد الذي اتخذتموه، في نهاية رسالتكم، بتنظيم “حوار وطني مفتوح، من أجل تهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرة وشفافة وشاملة في سنغال يسودها السلام والمصالحة” تتناقض مع الجو المؤسف الذي كان يسود في البرلمان يوم الاثنين 5 فبراير 2024 أثناء التصويت الطارئ لمشروع قانون دستوري استثنائي يخالف أحكام المادة 31 من الدستور.
فخامة الرئيس والمواطن العزيز! نحن لسنا مقتنعين بجدوى هذا النهج الذي يعرض ديمقراطية السنغال للخطر، خصوصا بعد أن تمكنتم بواسطتها من الوصول إلى أعلى سلطة في البلاد، وبفضل جماهير الشعب الذين كانوا يثقون باليمين الدستوري الذي حلفتم به بأنكم ستحترمون وتعززون الديمقراطية في بلادنا.
وللتخفيف سريعا من حدة هذا الوضع المضطرب، نوجه إليكم هذه الدعوة الأخوية إلى ضبط النفس والمجاوزة، واتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من التوترات التي قد تؤدي، إذا اهملناها، إلى عواقب وخيمة لبلادنا التي تستحق منا أفضل من ذلك.
إننا، فخامة الرئيس، نناشد حسكم بالمسؤولية؛ ونأمل، مثل كل من يتمنون لكم الخير، أن تتمكنوا من إنهاء ولايتكم مارا “بالباب الواسع”، مرفوع الهامة؛ ولا نتمنى لكم أبدا أن تتركوا البلد ممزقا.
وختاما، نسمح لأنفسنا أن نذكركم، فخامة الرئيس، على سبيل النصيحة الصادقة، بما أمرنا به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: “وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إن العهد كان مَسْئُولا” (سورة الإسراء، آية 34).
وأخيراً، رئيسَ الجمهورية، نستعير صيغتكم لنردد معكم: تحيا السنغال! تحيا الجمهورية !
حرر في تياس بتاريخ: ١٠ فبراير ٢٠٢٤