غزة نموذجُ التحرر البشري \بقلم: محمد حديبي / نائب سابق

7 نوفمبر, 2023 - 20:17

في غزة معركة كونية عالمية ستطوي حقبة من طغيان الظلم وجبروته للفطرة الإنسانية.. لأول مرة نشهد تقاطعات في الصورة الحالية للحرب الجارية.. لأول مرة حرب تجمعها التناقضات والأضداد: كيان ليس بدولة يعيش في سجن لعقود من الزمن تتجمع حوله أعتى القوى الدولية النظامية وقد جمعت إليها دول العرب والعجم واليمين واليسار والمتدينين والعلمانيين والشواذ والمنحرفين وقد جمعت الأساطيل البحرية والأقمار الاصطناعية والنخبة من الكومندوس والاستخبارات الدولية وآخر ما أنتجته التكنولوجية العسكرية في الرصد والتتبع والتفجير والخراب..
حرب جيّشت لها الدبلوماسية الدولية وشحذت فيها كل ترسانة الإعلام من قنوات ومحللين وكتّاب وخبراء وجرائد وشبكات تواصل اجتماعي ومراكز توجيه الرأي العامّ.. حرب وظفت فيها كل شيء: الاقتصاد ورجال الأعمال وكبريات الشركات العالمية.. حرب ليست كالحروب التي سبقتها في تاريخ البشرية.. دعم سياسي من كل قادة دول العالم، واحد تلو الآخر، فوق الطاولة وتحت الطاولة، زيارات رئاسية للتجييش ضدّ خصم لا يملك سوى قضيته وملفه مسجل في السجل العقاري الدولي بالأمم المتحدة بطلب منح ارث أجداده منذ قرون وجمع شتات أطفاله لغرس الزيتون وحبات القمح ونشر السلام بسجدة في بيت المسجد الأقصى.. هذا أقصى حلمه.. تجمعت ضده ليس إلا لأنه وضع يده على الجرح ليبلغ صوته للعالم: إني تعبت من سجن المظالم من دون أفق وأطفال يولدون فيه ويموتون وليس أمامهم أفق.. قامت القيامة وجمع الجمع وكأن الساعة دقّت.. خصم لا يحمل شيئا سوى إيمانه وارداته وعزيمة أبنائه.. وصورة الظلم مهما طال سيُهزم وثورة شعب الجزائر راسخة أمامه.
طائفة من المؤمنين رسموا طريقهم وقرروا تحقيق هدفهم.. سلاحُهم إيمانهم بقضيتهم والتوكل على ربهم.. حرب بين الحق والباطل.. كل شياطين الإنس والجن تقاتل في صف وكل المؤمنين والأحرار من البشر ذوي الفطرة السليمة تحارب طغيان الطاغوت الكوني لزماننا الذي يستمد طغيانه في مساره من الشيطان الأكبر الذي يحارب الفطرة الكونية والتي منبعها بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.. إنها ليست حرب حماس أو الجهاد أو حرب غزة أو حرب فلسطين فقط.. إنها حرب الفطرة الإنسانية الكونية ضد طغيان الظلم الجبروتي ومن وراءهم.. لقد تمايزت البشرية وتمايزت الصفوف.. ما عاد للأوطان ولا للحدود من قدرة على إبعاد الناس عن بعضهم.. الكل يصرخ ويستجدي الحقيقة والحق والعودة إلى جذور خلق البشرية قبل أن تلتهمها ما تخطط له الصهيونية العالمية ومن ورائها المجلس العالمي لهرم الماسونية.. لقد عملوا سنين في البرمجة البشرية وتعبيدها لتحويلها إلى عبيد وقطعان تحت أسماء وتنظيمات ومؤسسات وهياكل ودول وأطر وقوانين ونظم.. كل هذا ذهب هباء في مهب الريح بحركة تأتي من أكبر سجن للبشرية.. ولدوا في سجن بعيد عن البرمجة العصبية والنفسية والفكرية فصاروا أحرار أنفسهم .. فيما من هم خارجهم صاروا تحت البرمجة عبيدا لدنياهم ودواتهم ومحيطهم واملاءاتهم لا يستطيعون فعل شيء، مهيئن لجماعة ماسك ومن وراءهم لتحويلهم إلى قطعان بشرية تحت نظام الشرائح الالكترونية ضمن ما سمي الذكاء الاصطناعي لسلب البشر إرادتهم وحرية مصيرهم ضمن الحكومة العالمية التي تهيئ لها للخروج للعلن وذوبان الحدود والهويات والثقافات والقيم تحت نظام جديد.
.. وإذا بمساجين غزة يقلّبون العالم على رأسه، يكشفون للعالم معنى الحرية ومعنى العبودية، يعلمونهم كيف تقول: لا، وتتحرر مما يعدّ لك في صمت.. كيف يحولونك من مخلوق بشري إلى آلة حيوانية يفعلون بك ما يفعل بحظيرة الدواب..,,
هذا هو الخطر الداهم الذي جمع أساطيل العالم حول غزة لا يريدون أن تنتقل شعلة نموذج التحرر للبشرية فتستفيق وتنكشف من سباتها ومن السحر الذي وُضعت فيه فتثور وتقلب الطاولة على رؤوسهم، وقد فعلتها غزة وأيقظت العالم وانفلت الشرارة وبدأت البشرية في ثورتها وانكشف لها الوهم المختفي تحت الشعارات المدلسة بسحر الإعلام.. وعرفت الفرق بين أن نكون أحرارا أو عبيدا… حرب يقاتل فيها المؤمنون بالله وملائكته والخيرون من البشر المنحازون للفطرة السليمة ضد النظام العالمي الدولي وشياطينه الإنسية والجنية.

 

 

 

رر