عندما نتحدث في لغة الإعلام بأن “صورة واحدة تساوي ألف كلمة”، فهذا الادعاء الأمريكي الأصل، لم يكن من فراغ، فكثيرا ما نتحدث عن بلاغة الصورة قياسا من الوصف الكتابي لاعتبارات فنية وتوصيلية وإقناعية، حتى ولو أن الصورة الفوتوغرافية ولا حتى المتحركة قد لا تحمل المشاعر التي يقدمها النص التصويري أو الأدبي على سبيل المثال. “الصورة الطبيعة الرمزية للصورة بكافة أجناسها هي التي دفعت إلى القول إن صورة واحدة تساوي ألف كلمة، فما تقوله رواية في صفحات عدة يمكن للصورة السينمائية أن تقوله في لقطة واحدة، وذلك اعتمادا على طبيعتها الاختزالية الخاصة؟”.
غير أن توظيف الصورة، يتمثل أيضا في التعامي عنها وتشويهها وإنكارها بالمرة، في ظل التعتيم الاعلامي والفبركة والترويج الزائف الرسمي والدولي للأحداث الدولية، كما حدث في جرائم إبادة غزة بعد الانتصار الماجق بالصورة والوصت أيضا لعملية “طوفان القدس”.
حاسة البصر، تتماشى أيضا مع حاسة البصيرة، أي الصورة التي قد تعمى عنها الأبصار والصورة الكاذبة الملفقة التي تروج لها كبرات سوق تجارة الصورة والاعلام العالمي المتصهين، في غالب الأحيان، لاسيما الأمريكي منه والأوربي. الصورة، تأتي في واقع الأمر، لتعزز نفسها عبر جمع عناصر المادة الخبرية في شكل تكثيف للصورة الذهنية التي يتخذها العقل والخيال. فهي تمثل الدليل الملموس على شيء متخيل عبر النص الخطي الكتابي، لهذا، تبدو أحيانا أبلغ من النص الشفهي أو الكتابي من حيث الإقناع، أي من حيث قوة التأثير الاتصالي. فكل عملية اتصالية يكون الهدف منها الإقناع بفكرة أو رأي أو وجهة نزر أو خبر أو قصة، مهما كان شكل هذا الإقناع سلبيا أو إيجابيا، برفض رواية أو قصة سردية خبرية ودحضها أو محاولة تأكيدها وإقناع الآخر عبرها.
الصورة الذهنية كما الصورة الفوتوغرافية، كأدوات للاتصال والتلقين والتأثير والإقناع، والخداع، كثيرا ما كانت محل بحث وتشكل تخصصات لدراسة أوجه قوة تأثير الصورة في العملية الاتصالية، على اعتبار أن الصورة أيضا هي منتج فني جمالي، وفي كل الحالات فهي تقنية اتصالية مؤثرة وحاسمة في أي عملية اتصالية، فنية أو خبرية أو رسالة سياسية أو فكرية، لهذا حضيت الصورة منذ ظهورها وانتشارها باهتمام بالغ بقة تأثيرها.
والصورة التي ظهر بها وعليها الإعلام الأمريكي والأوروبي والصهيوني في تبرير إبادة شعب، وتشريد ما تبقى من المشردين بالأصل، يؤكد على أن “الصورة الحقيقية لا تختفي إلا من أذهان من لا يريدون تصورها في أذهانهم”، لحاجة في نفس جاكوب..