بعد الجريمة النكراء التي راح ضحيتها 471 شهيدا في قصف صهيوني على مستشفى المعمداني في غزَّة، والتي تمثّل ذروة الهمجية والصَّلف الصهيوني الجبان بحقّ شعبٍ أعزل أكثر من نصفه أطفال ونساء، بعد كلّ هذا التدمير وهذا الكذب العلني من دون حياء ولا خجل ووقاحة منقطعة النظير دعمها وساندها وتبنّاها رئيسُ أكبر دولة داعمة، بل ومخطّْطة ومرافِقة ومشرفة على كل هذا الجرائم التي تُرتكب في حق هذا الشعب الذي احتُلّت أرضه وشُرِّد من أرضه ودمِّر ما تبقَّى، وهذا منذ أن زرع الغرب الجماعي قبل 75 سنة هذا الجُسيم الكريه في جسد الأمّة العربية والإسلامية لتمزيقها وتقطيع أوصال وحدتها القومية والدينية جغرافيًّا وإحداث العداوة والشقاق بين الإخوة.
بعد كل هذا، هل يصحُّ اليوم أن نتحدَّث عن تعايش بين المحتل المجرم السارق الكاذب الأفّاق الخائن الغادر، وبين شعوب تأبى اليوم البقاء ساكتة معمية الأبصار خائفة وجِلة حتى ممن نكّلوا بها في كل بلد وكل رقعة وكذلك يفعلون؟.. هل يحق للأمة العربية والإسلامية، حكاما وشعوبا، أن يتجاهلوا قضيتهم الأم وقدسهم التي هي رمز وحدتهم وعزتهم وكرامتهم وأنَفتهم ونخوتهم؟ هل يحق لنا اليوم أن نتحدث عن “ضبط النفس” في وقت تجيّش فيه قوى الغرب كل قواها وجيوشها وأموالها لنصرة المجرم الجبان قاتل الأطفال الكاذب على الملأ وأمام المتشدقين بحقوق الإنسان والفرد والطفل والمرأة والحيوان والمثليين؟.. الإجابة واضحة ومن يحاول اليوم التنكّر لحق المقاومة والدفاع عن النفس، إنما يقوم بإنكار الإنكار، ويغمض عينيه كما تفعل النعامة في رمال الصحارى.
لقد أبدت كل الشعوب العربية مواقفها الراديكالية من هذا السرطان المميت القاتل وممن صنعوه وغرسوه في جسد أمَّتنا وهم الآن يهبُّون للدفاع عنه حين خرَّ العملاقُ الورقي الجبار بضربة فأس على إبهام قدمه اليمنى، فما بالك لو ضُربت قدماه؟ كان سيركع ويخرُّ ساجدا أمام حفنةٍ من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يحاربون محتلا مصطنعا، بيته أوهن من بين العنكبوت، يعيش على الدعم الغربي والأمريكي ولا يقوى على الصمود لأكثر من 3 أشهر على أكبر تقدير إذا ما سلَّمنا جميعا، شعوبا وأنظمة، بوجوب مدِّ العون وفتح الحدود والمعابر ودعمنا الشعب الأعزل بكلِّ المدد والعدد كما تمدُّ أمريكا هذا الكيان العدو بكل ما أوتيت من قوة ومن أسلحة ومال وقوات وتخطيط وسند في المحافل الدولية وسكوت عن الجرائم ومنع المحاكمات في المحاكم الدولية وتزوير للأخبار والتقارير، بل وفبركة أدلة كاذبة، إذ لا يزال الجميع يتذكرها كنموذج تاريخي لا يُنسى من داخل مقر مجلس الأمن على يد كولن باول: أنبوبة الكذب القاتل.. أنبوبة كاذبة بررت قتل نحو مليون شخص في العراق. واليوم يزوِّرون ويلفِّقون الأكاذيب ويتنصَّلون من مسؤولية الجرائم، لا بل أكثر من ذلك يتهمون المقاومة بها. هذا الصلفُ الأمريكي الصهيوني الغربي، لن يقابله اليوم إلا تصلُّبٌ أكبر وتصعيدٌ قادم من لدنِّ شعوب المنطقة وحكامها الذين أدرك بعضهم أن الدور قادمٌ على كل الدول العربية والإسلامية كما فُعل بأشياعهم من قبل في العراق وسوريا وليبيا واليمن.. والحبل على الجرار.. وقد يُؤكلون كما أكل الثور الأبيض.
شعوبنا العربية والإسلامية اليوم، وحكامها، لاسيما الكيانات العربية المطبِّعة، مجبَرة اليوم قبل الغد، على أن تمحو العار عن جبينها وتلتحق بالمقاومة ودعم الأشقاء في فلسطين بكل ما أوتوا من قوة ورباط.. من جاكرتا إلى الرباط.