حان الوقت لغربلة موروثنا الفقهي وتحيينه./ الدكتور محمد ولد الراظي

20 سبتمبر, 2023 - 22:54

الإسلام دين السلام وتحيته سلام والسلام مسك الختام لركن ركين من أركان الدين -الصلاة- والسلام الذي يعنيه الإسلام  سلام في البدن وسلام في العرض  فافشوا السلام بينكم معاشر المسلمين ومبتدأ السلام أن يسلم المسلم من لسان المسلم ويده وأعز ما يملك الإنسان المسلم  عقيدته فلماذا يستسهل بعض الدعاة والوعاظ عقائد الناس بهذه الطريقة القاسية ؟ ولماذا أصلا يحشر بعض الدعاة أنفسهم في حقل لا يعلمون عنه شيئا ولا غيرهم  ولن يعلم عنه أحد شيئا إلا يوم الحساب ؟ ولماذا لا يتوجه  هؤلاء  لنشر الإسلام بين غير المسلمين بدل توزيع الأوصاف القدحية وإصدار فتاوي تخرج المسلمين من ملتهم   بلا سند في كتاب الله ولا تستقيم عقلا وتتنافى مع روح الدين ونص الكتاب ؟ ولماذا يستنكف هؤلاء عن الخروج إلى  حيث يكون مكمن وثني أو حيث تكون مظنة كفر يدعون أهلهم للإسلام ؟ قد فعلها شيوخ صوفية كبار من دول الجوار فلماذا لا نفعل الشيء ذاته أو فيه نسعي أم أن بنا كسلا جينيا وخللا في بوصلة القول والفعل ؟ لو أن كل الذين يستسهلون تفسيق الناس وتكفيرهم يمموا قبلتهم نحو دعوة غير المسلمين للإسلام لدخل الإسلام قوم كثيرون ولكنهم للأسف ما فعلوا.... فمن سيجرؤ على الدخول في الإسلام غدا حين يسمع أن فئات بكاملها نشأت مسلمة تؤمن بالله وبرسوله  وتصلي وتصوم قد أخرجتها من ملتها ودينها فتيا من هذا الفقيه أو ذاك ......فحفظ الموجود أولى من طلب المفقود  !!!!! 

ثم من أعطى لهؤلاء الحق والصفة لتوزيع صكوك غفران لهذا  ومنعها عن ذاك ؟ صكوك الغفران كانت من الأسباب المباشرة التي أودت بالكاثوليك وتسببت في ثورة "مارتن لوثر" على البابوية وظهور المدرسة الاحتجاجية (البروتستانت) ثم أدت لاحقا إلى  أن أصبحت المسيحية في أوروبا مجرد موروث شكلي من قبيل "بابانويل" وبعض الذكريات لأيام ووقائع ورموز.....

الحرام نوعان حرام لذاته يحمل ضررا معلوما لا لبس فيه وحرام لغيره مرتبط بسبب أو علة تطرأ وتزول والحكمة من وراء التحريم المضرة في البدن و الروح فأين الضرر في الموسيقى وأين قد يحصل طارئ يجعل بها ضررا فتحرم لغيرها !!!!! ثم هل يذكر فقهاؤنا  أن فقهاء الحجاز حرموا ركوب السيارة حين رأوها أول مرة بداية القرن الماضي فقالوا ما جاءت في الذكر مع الخيل والبغال والحمير  ثم أصبح  عدد السيارات بالحجاز لا يقل كثيرا عن عدد سكانه.......أم أن  الأمر كان حراما فأصبح مباحا !!!! لم يكن الأمر حراما ولكن العقل كان أقل إداركا فأدرك الخلف ما لم يكن يدركه السلف ولكن هذا الخلف مازال غير قادر على التحرر  من جمود الكثير من النصوص الفقهية التي لا تستند كثيرا علي شيء  .....  حرمنا هنا المذياع ذات  مرة وحرمنا ساعة اليد مرة  وحرمنا كثيرا من أسباب زينة النساء ثم عدنا عن ذلك كله ولم يتغير المذياع ولا ساعة اليد ولا زينة النساء !!!!! 

 ثم هل فات هؤلاء أن التجويد بحد ذاته يكون وفق علوم موسيقية وهل فاتهم أن الزبور كان ترانيم جاء بها من عند الله نبي الله داوود.......

الموسيقى كانت وقود الثورات وحروب التحرير  تشحذ همم الرجال وتسمو بها فينفرون خفافا وثقالا ويصيبون من الأعداء المَقاتل فيطردون أعداء الله من ديار الإسلام.......ذكر مفكر صهيوني أن كلمات محمود درويش وأغاني مارسيل خليفة أخطر على وجود إسرائيل ألف مرة من  المقاومة المسلحة  لأن هذه الكلمات المموسقة تنتج كل يوم آلاف المحاربين..... والموسيقى تسعد الروح والمسلم بحاجة للحظة يسعد فيها ويرتاح والرسول صلي الله عليه وسلم خاطب أبا موسي الأشعري ثناء على صوته الجميل: "لقد أوتيت مزمارا من مزامر آل داوود " فكل ما فيه منفعة للبدن والروح حلال إلا ما نهى الله عنه في النص المحكم.

حان الوقت لأن يدرك المسلمون أن لا بابوية في الإسلام وأن لا أحدا يعرف درجة قبول أعماله ولا يعرفها عن غيره وأن الله عز وجل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وأنه لا يسأل أحدا عن أحد وليس بحاجة لشاهد  و يوم الحساب تشخص أبصار الجميع لا أحد يدري أين سيكون ولا ولدا يسأل عن أمه ولا والدا يسأل عن ولده !!!!!!

ثم إن من واجب السلطة العمومية حماية الأفراد والجماعات من كل عنف لفظي و بدني ولا شيئ أقسى ولا شيئ أشنع من أن يتعرض شخص أو جماعة للطعن في العقيدة......

إضافة تعليق جديد