ميثاق /قضاياو اضاءات
يعتبر أول مؤشر سيتم تقييم رئيس الجمهورية عليه، تمهيدا للاستحقاقات الرئاسية المقبلة، هو الولوج إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الماء والكهرباء. الماء، أكثر من أي أولوية أخرى، هو أهم انتظارات المواطنين ويشكل مشروعا يجب تنفيذه بشكل عاجل.
ولاية ثانية لم تعد مضمونة
فالمواطنون كانوا يعقدون الآمال على السياسيين، و على رئيس الدولة خاصة، في أن يلبوا توقعاتهم ويساهموا في تحسين سريع لظروفهم المعيشية، من خلال نظام صحي فعال، وتعليم جيد، وسياسات استباقية لمكافحة الفقر والبطالة وبنى تحتية حديثة، ومؤسسات قوية ومستقلة، وإدارة غير مشخصنة وفعالة، ودولة عادلة، قادرة على تعزيز التنمية ومكافحة الفساد. ومع ذلك، نظرا لعجز الحكومة، فإن حلم الموريتانيين أصبح يقتصر الآن، بكل بساطة، على الحصول على الماء. لكن، حتى هذا الحد الأدنى، لم يعد مضمونا، بينما لا يوجد أي سبب على الإطلاق لوجود مواطن ما في أعماق موريتانيا بدون مياه شرب. فبالأحرى سكان العاصمة. لا أحد يستطيع أن يفهم أنه في القرن الحادي والعشرين، ما زلنا نفتقر إلى مياه الشرب.
بدون نتائج مقنعة، لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يسعى إلى كسب ثقة الناخبين في الترشح لولاية ثانية. ولا يمكنه أن يتذرع بالخطب والوعود الجوفاء.
الماء للجميع، هدف يمكن تحقيقه
ومع ذلك ، فإن التوسع إلى 100٪ في نسبة التوصيل بشبكة المياه في نواكشوط وفي عواصم الولايات خلال فترة المأمورية الأولى هو هدف قابل للتحقيق ولا يتطلب موارد لا يمكن تحملها. كان من الممكن أن يخلق مثل هذا المشروع العديد من فرص العمل، مع تأثير مباشر على مؤشرات الصحة والتنمية، التي تتذيل فيها موريتانيا الترتيب العالمي، من حيث أهداف التنمية المستدامة.
البلد يراوح مكانه
الأمر المحزن والمثير للغضب هو أنه لم يتم تحقيق أي شيء تقريبا على أرض الواقع، على الرغم من إمكانات البلاد من حيث الموارد وقلة عدد السكان. نحن دولة غنية، لكنها غير قادرة على الإقلاع، ويرجع ذلك أساسا إلى عدم وجود طموح لدى النخب الحاكمة، غير القادرة على تصميم أو تنفيذ مشاريع هيكلية، نظرا للمستويات القياسية للفساد وسوء الإدارة، ونظرا لعوامل أخرى، بما في ذلك عدم وجود رؤية استراتيجية، وضعف سيادة القانون، و فساد العدالة، وانعدام البنية التحتية. هذا الوضع هو ما يفسر الفقر المستشري والتخلف، فضلا عن عدم قدرة البلاد على جذب الاستثمار الأجنبي.
من الطبيعي، في ظل هذه الظروف، أن تراوح بلادنا مكانها، إذ لا أمل في التنمية والتغيير في ظل هذه العوامل. لذلك لا ينبغي أن نندهش من تصاعد سخط السكان، بينما تتسع الهوة بين النخبة، المنطوية على امتيازاتها، وبين الشعب الذي تم التخلي عنه لمصيره. فشلت الحكومات المتعاقبة في الاستجابة لتطلعات المواطنين ومطالبهم، ناهيك عن معالجة الظلم والغبن، وسط انتشار الفساد، بينما تواجه البلاد تحديا مستمرا يتمثل في الولوج إلى الخدمات الأساسية، حيث يعيش جزء كبير من السكان تحت خط الفقر، بدون ماء أو كهرباء أو صحة أو تعليم.
سيادة رئيس الجمهورية، إن خيبة أمل الموريتانيين وصلت ذروتها والمجتمع وصل إلى نقطة الانهيار. الناس لا يطلبون المستحيل. إنهم لا يطالبون بترامواي ولا بقطارات سريعة، فهم ببساطة يريدون الماء. الماء للجميع، الآن، على الفور وبسرعة. خلاف ذلك، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بردة فعلهم النهائية.