ميثاق/هسبريس: التزم حزب العدالة والتنمية الصمت أمام اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، وكذلك دعوة الملك محمد السادس نتنياهو إلى زيارة المغرب؛ بحيث صرح الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، لهسبريس بالقول إنه أصدر قرارا مبدئيا بألّا يتحدث عن هذا الموضوع بالصفة الرسمية، قائلا: “موقفنا هو الصمت”.
وإذا اختار بنكيران الصمت، فإن القيادي بـ”البيجيدي” عبد العزيز أفتاتي اعتبر أن “موقف الحزب لم يتغير قط بخصوص الرفض التام بأن يصافح المغرب يدا ملطخة بدماء شعب بأكمله، وهو الكيان الصهيوني”، مضيفا أن “هذا الموقف الأخير يشوش على صورة المغرب داخل الجهة الفلسطينية وداخل العديد من الشعوب العربية، بما فيها الشعب المغربي، وكذلك داخل المحافل التقليدية المناهضة للصهاينة وللعنصرية، التي تتذكر أن المغرب شارك ميدانيا في القرن السابق لتحرير فلسطين”.
وشدد أفتاني على أن “هذا الموقف الذي اتخذه المغرب لا يخدم مواجهة التوسع الصهيوني ورغبته في الهيمنة من البحر إلى البحر، وسيعد هذا الموقف تراجعا حقيقيا، لأن مقايضة الصحراء المغربية باستئناف العلاقات مع إسرائيل أمر معيبٌ في حق المغرب وصورته، لكون الصحراء مغربية بقوة الشرعية التاريخية والقانونية”، بينما “الاحتلال الإسرائيلي لم يكف منذ أزيد من خمسين سنة عن تدمير وتشريد الشعب الفلسطيني، واحتلال أراضيه، حتى جعل منه شعبا يعيش بلا دولة، والاستيطان لمازال مستمرا والقتل لم يتوقف حتى الآن”.
وأوضح القيادي في “البيجيدي” أن “عدم إصدار الحزب أي بيان أو تصريح رسمي في هذا الجانب، لا يعني تراجعا عن الموقف، لكوننا سنظل متمسكين بطرح القضية الفلسطينية حتى زوال الاحتلال، لينعم الشعب الفلسطيني بحريته على أراضيه”، معلنا أن “المغرب قوي بصحرائه وبطرحه المتقدم في هذا الجانب، لكن لا يمكن لنا كأفراد وكحزب أن نطمئن لكيان صهيوني غير جدير بالثقة بالمطلق، لأننا رأينا بالصورة والصوت ما يقوم به، لذلك هو غير حاصل على المشروعية ومفتقر لها لكي يدعم مشروعية المغرب في الصحراء”.
وحين عرضت جريدة هسبريس محتوى تصريح أفتاتي على الأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران، رفض التعليق، مكتفيا بالقول إن “أفتاتي لا يلزم الحزب، حتى لو تحدث باسمه، وإنما مواقفه تلزمه هو وحده، وهو ليس قياديا وإنما عضوا عاديا”، مضيفا: “أكرر القول إن الحزب لا يتحدث في هذا الموضوع، ولا يريد أن يقدم أية أسباب، وليس لدينا أي موقف نعلن عنه حاليا”.
من جانبه، قال بلال التليدي، محلل سياسي عضو حزب العدالة والتنمية، إن “هذا الموقف الذي يتأرجح بين الصمت الرسمي للحزب وبين تصريحات لمناضلين تعكس الموقف المبدئي للحزب، يرجع بالأساس إلى التعقيد الذي يحيط بهذا الملف، وإلى طبيعة الثوابت التي تحكم عقل الإسلاميين في تعاملهم مع قضية التطبيع”، موضحا أنهم “على مدى عقود ظلت تحكمهم ثلاثة ثوابت؛ أولها اعتبار القضية الفلسطينية قضية وجودية، وحلها لا يمكن تصوره من غير الجهاد، وثانيها متعلق بدعم الفصائل الفلسطينية المقاومة في الميدان، وثالثها رفض التطبيع في كل مستوياته”.
وأضاف التليدي، في تصريح لهسبريس، أن “ما يجري اليوم جعل العقل السياسي الإسلامي مضطربا، بحكم أن الممارسة من داخل الدولة أصبحت تستلزم التمييز بين مستويين: المستوى الشعبي والمستوى الرسمي الخاص بالدولة وإدارتها لسياساتها الخارجية”، مشددا على أن “الأوضاع تجعل من الصعوبة بمكان أن يبدي حزب العدالة والتنمية موقفا من الناحية الرسمية، لأن هذه القضية ترتبط بموقف الدولة، وبموقف الملك محمد السادس شخصيا الذي يدير هذا الملف، وباعتباره مرتبطا أساسا بقضية الصحراء المغربية، التي هي ثالث الثوابت الوطنية”.
وذكر المحلل السياسي ذاته أن “توقيع الحزب على اتفاق التطبيع بواسطة رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، يزيد ارتباك الحزب. ومن ثم، لا يستطيع أن يكون في موقف المعارضة في الوقت الحالي، ولو أنه في الشهور السابقة حاول أن يحيي موقفه المبدئي الرافض للتطبيع”، مبرزا أن “الصمت يعني تفادي الصدام مع الدولة، لكون الموضوع مرتبطا بالسياسات الخارجية للدولة وفق معادلات دقيقة. وهذه الاعتبارات تبرر موقف الحزب، بما أن التعبير عن الموقف سيجعل الحزب في موقف حرج”.