الصمت يلف قضية الرئيس السابق وأهله يشكون ظروف حبسه

3 يوليو, 2021 - 10:13

بدأ النسيان يلف قضية الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز منذ أن أحيل إلى السجن قبل أحد عشر يوماً، في يوم اعتبره الكثيرون يوماً خاصاً سيظل عالقاً بذهن الرئيس السابق إذ فيه نظمت الانتخابات التي أبعدته عن السلطة عام 2019، وفيه ألقي به في السجن للمرة الأولى منذ إحالته إلى القضاء بتهم الفساد والثراء غير المشروع.
ويطل ولد عبد العزيز اليوم، حسب متابعي قضيته، على مستقبل غامض ومفتوح على احتمالات كثيرة، وهو يقضي يومه الحادي عشر في شقة اعتقال تابعة لإدارة الأمن، تمثل مرحلة “برزخية” بين الحرية المقيدة التي كان يتمتع بها، وبين الإحالة المتوقعة لأحد السجون الرسمية التابعة لوزارة العدل الموريتانية والتي كان الرئيس نفسه قد بناها لسجن خصومه.
واشتكت أسرة الرئيس السابق على لسان كبرى بناته أسماء عبد العزيز، من انقطاع والدها عن الخارج ومن عدم تمكينها من مقابلته على انفراد، حيث يحضر أفراد الأمن لقاءاتهما كلما جاءته تحمل وجبات الطعام، والتي اشتكت من أنها لقاءات لا تتجاوز خمس دقائق.
وأعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في بيان لها أمس، أنها “أوفدت بعثة منها، برئاسة رئيسها الأستاذ أحمد سالم ولد بوحبيني، لزيارة الفيلا التي يحتجز فيها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وتم إخبار الرئيس السابق من طرف المشرفين على احتجازه بزيارة اللجنة ورغبة رئيسها في مقابلته، لكنه رفض المقابلة”.
“إن زيارة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لمكان احتجاز الرئيس السابق، يضيف البيان، تدخل في إطار واجباتها تجاه كل المواطنين الموقوفين والمحرومين من الحرية والخاضعين للحراسة النظرية من أجل الاطلاع على ظروف احتجازهم والحرص على توفير السلطات لكل الضمانات والحقوق التي يجب أن يتمتعوا بها”.
وزادت اللجنة: “هذا الدور تقوم به اللجنة بكل استقلالية ودون تمييز ضد أي محتجز مهما كان، وبالتالي فإن كل عرقلة لهذا الدور من قبل السلطات أو من قبل المحجوزين يعيق عمل اللجنة القاضي بحماية حقوق الإنسان”.
وأكد البيان “أن الزيارة كانت فرصة مواتية للرئيس السابق للإدلاء برأيه حول ظروف احتجازه وذكر مآخذه حولها والمطالبة بأي حق له يعتبر أنه قد تم المساس به، وكنا، تضيف اللجنة، سنقوم برفع ذلك بكل أمانة للسلطات المختصة كما فعلنا عند احتجازه في المرة السابقة، إذ أبلغنا السلطات بمطالبه وتمت تسويتها، حرصاً منا على صيانة كرامة الموقوفين بغض النظر عن التهمة الموجهة إليهم وعن موضوع قضيتهم”.
وأضافت اللجنة: “في هذا الإطار تذكر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الرأي العام الوطني بأنها ستواصل أداء مهمتها هذه، وأنه يجب عدم خلط الأوراق في ما يعني اختصاص اللجنة؛ فهي ليست جهة سياسية أو قضائية، لكنها معنية في حدود ما يخولها القانون بالسهر على توفير الظروف الملائمة لكل مواطن يتم توقيفه، وهي مستعدة للتجاوب مع كل تظلم أو شكاية من طرف الرئيس السابق أو أي من أفراد أسرته أو محاميه، فواجبها تجاه جميع المحتجزين”.
وتحدث حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال الذي انضم له الرئيس السابق عن “رفض السلطة القائمة، الترخيص للقوى المدنية والحزبية عامة المطالبة باستخدام حقها الدستوري في التعبير عن مواقفها اتجاه القضايا الوطنية الراهنة، والتي من أهمها بالنسبة لحزب الرباط تلك المتعلقة بالانتهاكات الخطيرة لدستور البلد وقوانينه وعلى رأسها ما يتعرض له، حسب تعبيرها، القائد والرمز محمد ولد عبد العزيز”.
“وعليه، يضيف البيان، فإن حزب الرباط الوطني يحمل السلطة القائمة مسؤولية خلق حالة الاحتقان السائدة والتداعيات الخطيرة التي قد تنجم عن خنق الحريات”، داعياً “لرص الصفوف والوقوف في وجه العودة الخطيرة بالبلد إلى عصور الظلام وهيمنة الحزب الواحد واستئثاره بحق التجمع والتظاهر”.
وفي معالجة لقضية الرئيس السابق كتب المحلل السياسي البارز إسماعيل يعقوب
“أن ولد عبد العزيز لم يكن يملك عند وصوله إلى السلطة عام 2008، أية أوراق قوة خارج سيطرة ودعم المؤسسة العسكرية، وبخروجه من الحكم يفقد تلك القوة التي منحته التأثير المباشر في مختلف مناحي الحياة ومصادر الثروة ومراكز القوة، وها هو الآن يواجه تهماً تتعلق بالإثراء غير الشرعي واستغلال النفوذ خلال العشرية المذكورة، وبفقدان السلطة فقد أيضاً الرجل ورقة الحزب التي كان يراهن عليها، ويسعى إلى أن تكون بوابته لمستوى من الشراكة الذي اتضح أنه كان سعياً لحماية ثروته المتحصل عليها في العشرية”.
وأوضح الكاتب “أن الرئيس السابق لم تسعفه خرجاته الإعلامية، وسعيه لإقامة سند جماهيري من خلال التركيز على النقد الحاد للنظام، وانتهت مختلف خرجاته إلى فتح ملفات نقاش جديدة، تضره إعلامياً أكثر مما تنفعه، حيث لم يكسب ولد عبد العزيز لحد الآن أي دعم أو تفهم لمساره من أي من الأحزاب السياسية أو الحركات السياسية، أو القوى السياسية العريقة، باستثناء حزب الرباط الحديث النشأة، والضعيف الحضور والتأثير السياسي”.
وأضاف الكاتب “أن الحكومة تمكنت من استقطاب أغلب المرجعيات القانونية في البلاد، من أجل مقاضاة الرئيس السابق، واستعادة الأموال المنهوبة في العشرية، وفق ما تتضمنه التهم الموجهة إليه”.
وأضاف: “إضافة لفقدان السلطة التي كانت أبرز مصادر الإثراء بالنسبة للرئيس السابق، وقطع العقود والامتيازات التي كان يحظى بها مع أفراد من عائلته ومقربيه المتعددين، انتهى الأمر بالرئيس السابق إلى مصادرة ثروة هائلة تقدر بأكثر من 29 مليار أوقية من أمواله وأموال أحد أصهاره”.

 

إضافة تعليق جديد