وزير الداخلية يدافع عن سياسته الأمنية في مساءلة برلمانية حادة

2 يوليو, 2021 - 18:17

دافع وزير الداخلية الموريتاني محمد سالم مرزوق، بنبرة مشددة، عن السياسة الأمنية المتبعة على مستوى قطاعه، وذلك في مساءلة له أمس أمام البرلمان تضمنت انتقادات لاذعة لتدهور الحالة الأمنية الذي شهدته موريتانيا مؤخراً.
وتحدثت عائشة بنت بونا، النائبة البرلمانية عن حزب التجمع (الإسلاميون) في مساءلتها للوزير عن «انتشار أصناف مخيفة وغير مسبوقة من الجرائم المتنوعة والمتلاحقة، قتلاً وسطواً واغتصاباً».
وقالت إن «عصابات الجريمة تسلب المارة وتقتحم البيوت ليلاً ونهاراً، والمحظوظ من سلمت نفسه، ما سبب جواً من الرعب والصدمة، خصوصاً بعد حادثة اغتيال الأستاذ الجامعي المرحوم محمد سالم ولد ألما».
وأضافت: «بما أن الأمن أولوية الأولويات وركيزة التنمية والاستقرار، نود معرفة أسباب هذا الانتشار المخيف للجريمة وخطة قطاعكم للتعاطي مع هذا الوضع الخطير، وما هي الوسائل المتخذة لفرض الأمن ووضع حد للفوضى في الأنفس والأموال والأعراض؟ وما هي الإجراءات العملية للقضاء على تعاطي الممنوعات وانتشارها باعتبارها خطراً حقيقياً ودافعاً أساسياً لأغلب الجرائم».

فوضوية التحضر واكتظاظ العاصمة سببان رئيسيان في تدهور الأمن

وفي رد على هذا السؤال المحرج المطروح في ظرف متوتر، أكد الوزير أن «موريتانيا لم تبدأ العمل على جمع ومعالجة المعطيات المتعلقة بالأمن إلا سنة 2020 وذلك من أجل إرساء أسس القواعد السليمة لسياسة أمنية داخلية حقيقية».
وقال: «إذا أخذنا سنة 2017 كقاعدة مرجعية، فإن مجموع الجنح والجرائم المسجلة على عموم التراب الوطني انخفضت من 11.149 حالة في تلك السنة إلى 3.748 حالة في سنة 2020، بنسبة انخفاض وصلت 66.4% وتراجعت حالات السرقة بجميع أنواعها بين العامين المذكورين من 10.748 حالة إلى 3.662 حالة، بنسبة انخفاض وصلت 66٪، أما حالات الاغتصاب التي وصلت 341 حالة سنة 2017 فقد تراجعت إلى 58 حالة سنة 2020، أي بنسبة انخفاض وصلت 83٪».
«وبخصوص جرائم القتل، يضيف الوزير، فقد تراجعت من 60 حالة في سنة 2017 إلى 28 حالة سنة 2020، بنسبة انخفاض وصلت 53.3٪، مبرزاً «أن
هذه المعطيات أظهرت بوضوح أن الوضع الأمني في موريتانيا تحت السيطرة، وأنه في تحسن مستمر، وهو وضع بعيد كل البعد من التأزم الذي يحاول البعض الترويج له».
وقال: «يلعب الإعلام دوراً حاسماً، لا سيما في الواقع الذي أصبحت فيه شبكات التواصل الاجتماعي ظاهرة اجتماعية، حيث يتم تشويه الأحداث أو تقديمها على أنها خطيرة بشكل استثنائي، أو أكثر عدداً، أو أكثر عنفاً، وما إلى ذلك؛ ويتم تلفيق أحداث ونشرها بسحر الصوت والصورة دون أن يتسنى للمتلقي التأكد من صدقيتها».
وقدم الوزير تشخيصاً لأسباب انعدام الأمن، مؤكداً أن «موريتانيا المرتبة 14 في إفريقيا من حيث جرائم القتل سنة 2016 بمعدل 9.9 جريمة قتل لكل 100.000 نسمة، حسب معطيات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كما انخفض معدل الجريمة في موريتانيا من 9.9 في سنة 2016 إلى 7 في سنة 2020، وطموحنا لسنة 2024 هو خفض النسبة إلى أقل من 2 لكل 100 ألف نسمة».
وتوقف الوزير مرزوق عند أسباب محددة لانعدام الأمن في موريتانيا، فذكر منها «ضعف الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، وخاصة التعليم والترفيه، وإضعاف مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالأسرة والمدرسة والحي، والبطالة والكسل بين الشباب المرتبطين بعدم حصولهم على التدريب والتوظيف، واستخدام المخدرات والمؤثرات العقلية والمواد ذات الصلة، وغياب سياسية جنائية تركز على تكوين السجناء وتعليمهم وإعادة تأهيلهم وإدماجهم، إضافة إلى الإطار المعياري الحالي بشأن الأسلحة البيضاء والنارية الذي لا يلبي ضرورة وطنية ولا يتماشى مع الإطار القانوني الدولي».
وشرح الوزير جملة من الإجراءات التي اتخذتها الداخلية في أعقاب جرائم القتل التي ارتكبت مؤخراً، منها إنشاء لجان أمن جهوية ومقاطعية لتعزيز مهام الإشراف، وتنظيم اجتماعات يومية لتقييم الوضع الأمني بحضور جميع الفاعلين بهدف ملاءمة الآليات الأمنية المنتشرة من حيث الطبيعة والقيمة والموقف، وتشكيل لجان المراقبة واليقظة التي تقدم المعلومات والتنبيه والتأطير، وإنشاء نظام للتقييم الأسبوعي للأنشطة المنفذة من أجل زيادة فعاليتها، وفتح رقم أخضر يعمل بجميع شبكات الاتصال أمام المواطنين للتبليغ عن أي خطر يهدد الأمن والسكينة العامين».
ونفى حدوث أي انفلات أمني مذ تسلم الرئيس الغزواني مقاليد السلطة، مشدداً على أنه «لن يحدث ولن يحدث إن شاء الله، لأن هناك إرادة قوية، ومقاربة أمنية علمية، وجاهزية كبرى من قبل السلطات العليا للتصدي لأي محاولة تمس أمن واستقرار البلد».
ومن أسباب انعدام الأمن التي تحدث عنها الوزير مرزوق، فوضوية التحضر؛ حيث عرفت موريتانيا وتيرة تحضر سريعة: ففي العام 1960 كانت نسبة التحضر 0٪ وكانت نسبة السكان الرحل تمثل أكثر من 70٪ من مجموع سكان البلاد.
وفي سنة 2015 قفز عدد سكان المدن إلى 42٪ من إجمالي السكان وانخفض معدل السكان البدو إلى أقل من 5٪. وارتفع عدد المدن سنة 1960 من 0 إلى 23 مدينة 2015.
وقد تجسد هذا التحضر السريع في ظل أساليب فوضوية تتسم بانتشار الأحياء العشوائية التي تستقطب أكثر من 55٪ من السكان، وبتضخم مدينة نواكشوط التي أصبحت اليوم تستقطب 28٪ من الموريتانيين أو 62٪ من سكان المدن.

 

إضافة تعليق جديد