“التحالف الشعبي” ينتقد ازدواجية تعاطي القضاء مع ملفات الجرائم المالية

24 مارس, 2021 - 19:57

انتقد حزب التحالف الشعبي التقدمي المعارض ما سماه “الازدواجية الصارخة في التعاطي مع ملفات الاحتيال والجرائم الاقتصادية”، وذلك في أول تعليق له على ملف الفساد وملف الاحتيال على البنوك المعروضين على القضاء.

وأكد الحزب في بيان وزعه اليوم الأربعاء “أنه يرى من غير مفهوم التمييز بين مُتَّهمِين شاركوا في تسيير المرحلة التي تم فيها نهب المال العام (سنوات حكم محمد ولد عبد العزيز)، وتولَّوا مسؤوليات، وأداروا ملفات؛ ووجهت إليهم تُهَم مُماثِلة؛ فيُبرَّأ بعْضٌ، ويُخْلَى سبيلُه، وتُؤكَّد تهمة بعض، ويبقى طليقا يمارس نشاطه وثيق الصلة بالتهمة؛ بينما أصحاب التهم، ممّن لا وساطة له من الضعفاء،  يتعرضون للتوقيف الاحترازي، وجرائمهم لا يلحق ضررها هيبة الدولة، ولا حرمة المال العام”.

واستغرب في بيانه “أن يودع المتهمون في قضيتي البنك المركزي، والبنك الجديد لموريتانيا السجن لأنهم ضعفاء، بلا نفوذ، بينما مبددو المال العامّ طلقاء لزبونيتهم وعلاقاتهم السياسية وجيوبهم الممتلئة”.

وعبر حزب التحالف الذي يقوده رئيس البرلمان السابق مسعود ولد  بلخير “عن قلقه مما يُروَّج له، ويتداول في بعض الأوساط ذات التأثير، من أن المهم هو أن يتعاون المتهم مع القضاء بأسلوب الدفع، أو التعويض المادي، رغم تجاهل هذا الأسلوب للحق العام وخيانة الأمانة، وهيبة الدولة، وحرمة المال العام”.

وأضاف الحزب: “مثلما هي حال الرأي العام والقوى الوطنية عموما، وإذ نُنوِّه بسابقة المساءلة بخطواتها اللازمة، في تسيير الممتلكات العامة، واستغلال النفوذ والتحكم في الصفقات العمومية، ونهب المخصصات التسييرية للمؤسسات العمومية، لنعلن ارتياحنا لهذا النهج الذي ينبغي أن يكون مقدمة أولى لتوجيه قدرات البلد نحو تنمية شاملة، تستجيب لحاجات الشعب، وتعمل على تكافؤ الفرص وتحقيق المساواة بين كل المواطنين”.

 وتابع التحالف الشعبي التقدمي: “الواقع الذي يعيشه الإنسان الموريتاني، واقع يزداد تعقيده كلَّ حين، وتقوى فيه أسباب الاختلال، وتختفي مظاهر التوازن والانسجام؛ ويضعف الإحساس بهموم الحياة؛ وتقْصُر خطوات الإصلاح، وتتراجع جهود التغيير”.

ويضيف: “بانقضاء العشرية المنصرمة التي ناءت بعِبْئِها الماحق المُبدِّد في حاضر موريتانيا، والمُخيِّب رجاءَ الضعفاء والمحرومين في مستقبلها، ستبشر الشعب، بأن أضرار الفساد، وتهديد الوحدة الوطنية، وتعميق الفروق والإخلال بالسلم الاجتماعي، وسياسة الغبن، وغياب المساواة، وترسيخ الجهل والتخلف، وتعطيل العدالة، في كل مناحي الحياة، سيوضع لكل هذا حدٌّ”.

وزاد: “كان المواطن البسيط مُدرِكا شناعة التصرفات التي دأب عليها جميع، أو جل من تولَّوا مسؤولية، أو أُسْنِد إليهم جانبٌ من تسيير المرحلة، لأن مظاهر الفساد وآثاره، بادية للعيان، حيثما كان للإدارة، أو للمرافق العمومية، أو لنشاط مؤسسي وجود”.

وتابع التحالف الشعبي: “وقد تَشَكَّل رأي عامّ، وانعقد إجماع، لا سابق لمثلهما في تاريخ موريتانيا المعاصر، على أن ما شهدته البلاد في تلك السنين العجاف، من تبديد للثروات، واستنزاف للمقدرات في غير المصلحة الوطنية، وتعطيل مشاريع التنمية الخجولة، وإعاقة المسار الديمقراطي، تستوجب معرفة كل التفاصيل والملابسات، وتحديد كلِّ من له دور أو مسؤولية من قريب أو بعيد، بدء بالتقصير وسوء التسيير، إلى التخطيط والتحكم، والنهب والاستنزاف، كما يجب إصلاح ما آلت إليه الأوضاع من مخلفات العشرية، وعلاج آثارها الاجتماعية والسياسية السيئة”.

وأضاف البيان: “انتاب الموريتانيين قلق وخيبة أمل، لمّا أحسّوا بُطْئا في التصدي للعبث بهيبة الدولة، واستباحة المال العمومي، واستنزافه في مصالح الأفراد، والنزوات الشخصية، وهو ما حدا نواب الشعب؛ إلى استشعار مسؤوليتهم، منطلقين من حقهم الدستوري، وواجبهم في المراقبة، فأعدّوا ما يتطلبه الأمر، من دراسة، وتحرٍّ، وترتيبات إجراء التحقيق الموضوعي الشامل، واكتمل التحقيق البرلماني وافيا في بياناته ومعتمداته ووثائقه؛ وبدأت شرطة الجرائم الاقتصادية معاينة الملف؛ وأخذ منها التحقيق الوقت الكافي؛ وأحيل الملف إلى العدالة، فاكتملت المراحل اللازمة؛ وأعلنت السلطة التنفيذية حرصها على عدم التدخل في سير التحقيق القضائي، أو طبيعة الأحكام”.

وزاد: “وبتلاحق هذه المراحل استبشر المواطنون، وظنوا خيرا بسير شفاف للتحقيق، وقوي أمل الرأي العام في أن تأخذ العدالة مجراها، ويمارس القضاء دوره، بعيدا عن الإكراهات، وبلا عناء أو حرج، وبتنا جميعا نترقب صدور أحكام تعيد للدولة هيبتَها، وتستعيد ثروة الشعب المنهوبة، ويلقى بها كلُّ مجرم جزاءه المستحَق”.

ويأتي بيان التحالف الشعبي التقدمي في سياق موقف عدم الرضا الذي تبناه الكثيرون في موريتانيا، إزاء اكتفاء قاضي التحقيق في ملف الفساد بإخضاع متورطي هذا الملف وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، للرقابة القضائية بينما وجهت إليهم تهم خطيرة منها تبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية، الحصول على مزايا مادية غير مستحقة من مجموعة عمومية، والتدخل في أعمال تجارية تنافي الصفة الوظيفية عن طريق أخذ وتلقي فوائد من عقود ومزايدات، ومنح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، واستغلال النفوذ، وإساءة استغلال الوظيفة، والإثراء غير المشروع، وإخفاء العائدات الإجرامي، وإعاقة سير العدالة، وغسل الأموال.

 

إضافة تعليق جديد