محمد محمود ولد حمادي: ترجل الجبل فترملت المواقف...................

17 مايو, 2019 - 11:31

في العشر الأُوّلِ من رمضان وتحديدا في اليوم السادس منه غادر هذه الدنيا الفانية أسد من أسود التربية وأعلامها الكبار، وأحد قادة سادة المجتمع ودعائمه، وكبار ساسته..
إنه المغفور له بحول الله وقوته محمد محمود ولد حمادي الذي شكل رحيله بحق رزءا مهولا لعائلة الفقيد وللمجتمع الموريتاني بأكمله.
ينتمي الراحل إلى أسرة رفيعة من علية المجتمع ظللها المجد وتوجهها السؤدد؛ فأنبتت الأجاويد، وأزهرت نفائس ظل عطائها متدفقا دون أن ينضب أو يغيض؛ فانتفع به الناس، ومكث في الأرض..
وقد كان محمد محمود ثمرة طيبة من ثمار تلك الشجرة وارفة الظلال، في معنى قيمته، وعلو قامته، وفي علياء قمته.. 
كان قيمة بشخصيته القيادية الفريدة فحمل الهم العام بعزة نفس وبهمة الرجال الأفذاذ.
وكان قامة سامقة بحصافة رأيه و سداد تفكيره و دهاءٍ تدبيره؛ عصاميا بأناة، صارما باستقامة نادرة، صدوقا بوقار وشهامة..

لم يفرط المرحوم قط في المكانة العالية التي وهبها له خلقه الرفيع ومنبته الأصيل! فلم يرض بغير الصف الأمامي في كل شؤون الحياة، محافظا على قيم الرجولة ومثلها التي لا تخون من صانها أبدا.

و إذا كانت النفوس كبارا * تعبتْ في مرادها الأجسام
كان محمد محمود رحمه الله شخصية من العيار الثقيل تركت بصماتها حاضرة في المشهد بجميع تجلياته، وسنكتفي هنا باقتفاء أثر مسيرته المهنية في بعدها التربوي والسياسي وفي مجال ثراء تجربته الغنية.
كان رحمه الله من الأسماء اللامعة في المجال التربوي التي قد لا تلتقي معها لكن صداها يظل يطاردك: موجها تربويا حاذقا ومرشدا قدوة، جمع بين حنكة الإداري الناجح وشفقة المربي الحنون من خلال مجموعة من الأنشطة التي أداراها وأشرف عليها بهدف تحسين العملية التربوية في المنهج والأسلوب؛ فكان شديد الحرص على آشراك المربى بصورة فعالة في بناء المجتمع كي يكون أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف التربوية من خلال تحريك المقدرات وإذكاء المواهب بما ينعكس إيجابا على تحسين الأداء التربوي، وذلك من خلال منظومة تربوية متكاملة تميزت بالدقة والصرامة والشجاعة في الطرح؛ مما أكسبه احترام كل من عرفه أو سمع عنه، وسِرْ قدُما في فجاج نواكشوط أو روصو يسبقك دفَق من تسييره، وسبق من حسن تدبيره وتوجيهه.. 
أما في ميادين السياسة حيث مواطن النزال وساحة المعارك، فقد كانت له مثله وقيمه التي جعلت منه صخرة صماء في وجه معاول المصالح الضيقة، والمطامح الشخصية؛ فلم تنل منه سنون اليأس ولم تنقص من عزيمته سلاسل الإخفاقات أو الانتصارات متمثلا قول الشاعر:
إذا لم تكن إلا الأسنةُ مركباً * فما حيلةُ المضطر إلا ركوبها 
كان صلب العود، جريء المواقف، لا ينزاح ولا يتراجع قيد أنملة عن ما يؤمن به حتى لو كلفه ذلك أن يدفع الجوع بالرغيف اليابس...
صمته رسالة وموقف؛ ينطق ببيان، ويقاتل جهارا نهارا؛ إذ ليس لديه ما يخفيه، ولا في الدنيا ما يخيفه.
ألمت به وعكة صحية طارئة نقل على إثرها على عجل في رحلة استشفائية إلى المغرب وعاد منها صابرا مؤمنا بقضاء الله وقدره؛ فالدنيا دار ممر لا دار ثبات، ومستقر تقاطرت عليه جموع مجتمعه والعارفين به وأركان الدولة وأجهزتها وطيفها السياسي وجميع مكونات وخلايا المجتمع؛ حتى أسلم روحه للباري جلت قدرته صبيحة يوم السبت الموافق 11 مايو 2019 لتشيع جنازته في مشهد مهيب.
فاللهم يارب أغدق شآبيب رحمتك على فارس وبطل ترجل وأصبح في كنفك يحتاج رحمتك وعفوك ولطفك..
اللهم اغفر له و ارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله، وأبدله دارا خير من داره و أهلا خيرا من أهله، واغسل خطاياه بالماء و الثلج والبرد، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وآمنه يوم الفزع الأكبر، و ارحمنا ووالدينا وجميع المسلمين، يا رب العالمين ويا مجيب السائلين.

بقلم الصحفي : اعل ولد البكاي

إضافة تعليق جديد