موريتانيا: تفاعلات سياسية وقضائية لتعرية الأمن الطفل المتظاهر

23 نوفمبر, 2017 - 11:58

مع أن الطفل المعرى في تظاهرات النصرة قد طلب طي هذا الملف، فقد بادر نواب ومحامون معارضون إلى تحريك هذه القضية التي شغلت الرأي العام أياما عدة، وأثارت جدلا واسعا حول صحة صورها المنشورة.
وأعلن المحامي سيد أحمد ولد بوبالي أمس أنه «حرر شكوى أمام النيابة العامة ضد قوات الشرطة، على خلفية قصة تعرية الطفل القاصر، خلال مظاهرات بنواكشوط».
وكتب ولد بوبالي في صفحته على فيس بوك «قدمت بلاغا للنيابة العامة في قضية تعرية الطفل سيد أحمد الركيبي، فليس الطفل في واقع الأمر هو المتضرر الوحيد حتى يشترط أن يشتكي هو بنفسه من الأمن، إنما المتضرر في هذا هي صورة قوات أمننا وحقنا في التعويل على آدميتهم ومهنيتهم وكرامتنا؛ وكوننا نحن من سينزل للميدان غدا، يجعل منا طرفا، ومع أن تعرية قاصر لا تثير لغطا غير قابل للتوقف، فما نخشاه في قابل الأيام، هو تعرية راشد يصارع للدفاع عن عرضه أو ماله أو ذويه».
وقال: «قد تكون هذه حوادث انفرادية ومعزولة ولكن بسكوتكم سينقلب الأمر إلى عادة».
وكان وزير الاقتصاد المختار ولد اجاي قد رد على نواب المعارضة الذين عبروا أمامه في جلسة برلمانية عن أسفهم لتعرية الطفل المتظاهر، مؤكدا «أن الفيديو المتداول مفبرك»، ومطالبا «المعارضة بالاعتذار عن فبركة ونشر الفيديو».
وأضاف الوزير «أن الصور عرضت شابا في المسجد الجامع لا يمكن التشكيك فيه، لكنها لم تتضمن ما هو مثير حيث أن أي شخص في مظاهرة غير مرخصة يمكن أن تتمزق ثيابه وأن تسقط هذه الثياب من دون أن يكون في الأمر ما يلفت الانتباه».
وأوضح الوزير «أن البلد شهد خلال السنوات القليلة الماضية محاولة لزعزعة الاستقرار، ومع ذلك حافظت قوات الأمن على أعصابها وعلى تسيير المظاهرات المرخصة بشكل طبيعي جدا إبان فترة الربيع العربي».
وقال «هذه الشهادة هي قناعتي الشخصية بخصوص قوات الأمن، والعصمة ليست للبشر العاديين، ومن الممكن أن تقع الأخطاء وكل ما تم التجاوز فيه يجب أن يتم التحقيق فيه وتؤخذ فيه الإجراءات المناسبة، وهذا ما تقوم به الحكومة وليست بحاجة للتنبيه على هذا الأمر». 
وضمن تفاعلات هذه القضية، تقدمت النائبة زينب بنت التقي، أمس باسم الفريق البرلماني لحزب التجمع، ووفقا لمسطرة الاستعجال، بطلب مثول وزير الداخلية ومساءلته أمام البرلمان، حول تعرية الأمن للطفل».
وفي هذا السياق، أعلن التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المعارض (محسوب على الإخوان)، في بيان وزعه أمس «أنه تابع خلال الأيام الماضية ما تداولته بعض الوسائل الإعلامية من صور ومقاطع فيديو حول قيام وحدات من الحرس والشرطة بتجريد عدة أفراد من ملابسهم جهارا نهارا في بعض المساجد والساحات العامة أثناء تظاهرهم نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم».
«ولخطورة التهمة وغرابتها، يضيف الحزب، فقد تريثنا ولم نستعجل في الحكم أو الإدانة، لكننا وللأسف لم نزدد مع الأيام إلا تأكدا و يقينا، خاصة بعد حديث الضحايا وتصريحهم لعدة وسائل إعلامية؛ إنه تطور خطير وسابقة مشينة من “سوابق” هذا النظام الكثيرة، والتي أصبحت تهدد البلد في أعز وأغلى وأثمن كنوزه، تهدده في قيمه وأخلاقه، تهدد سمعته ومكانته»، حسب تعبير الحزب.
«لقد تجرأ هذا النظام وأجهزته الأمنية، يضيف حزب التجمع، وجاهروا في الوقوع في مساوئ وانتهاكات تستقبحها الفطرة ويمجها الذوق والخلق القويم، ونحن نعلن استنكارنا لهذه التصرفات المستقبحة شرعا وعرفا، الغريبة على مجتمعنا وقيمه وأخلاقه، ونطالب بتقديم المتورطين للقضاء فورا ومحاسبتهم على فعلتهم المشينة، وإلا فان النظام نفسه يتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية».
ودعا حزب التجمع «جميع الفرقاء سياسيين وإعلاميين وفاعلي مجتمع مدني إلى ميثاق أخلاقي مشترك للتعاطي السياسي العام يلتزم أخلاق الإسلام وقيم المجتمع ويحفظ للإنسان كرامته وخصوصيته».
ندد حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني المعارض بشدة أمس بما سماه «القمع والعنف الذي مورس بحق المتظاهرين السلميين»، مشددا «رفضه الشديد للأساليب القذرة، حسب تعبيره، لقوات الأمن المتمثلة في تعرية المتظاهرين والاعتداء على كرامتهم».
وأكد الحزب في بيان وزعه أمس «تضامنه المطلق مع الشابين محمد يحيى ولد اخليفة وسيد أحمد اركيبي اللذين اعتدت عليهما الشرطة وجردتهما من ملابسهما»، حسب البيان. 
وطالب الحزب «الجهات القضائية بتحريك الدعوى ضد العناصر التي قامت بهذا الفعل المشين والمجرم قانونا والمنتهك للكرامة الإنسانية».
وأضاف «طالعتنا المواقع الإخبارية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات صادمة تظهر اعتداء الشرطة على متظاهرين خرجوا نصرة للرسول صلى الله عليه و سلم وتعريتهم وضربهم ضربا مبرحا في انتهاك صارخ للحريات ولحقوق الإنسان».
«إن اعتداءات الشرطة وقوات الأمن، يضيف الحزب، على المتظاهرين هو ديدن الأنظمة المستبدة التي حكمت هذه البلاد ولكن تعرية المتظاهرين وانتهاك كرامتهم هو أسلوب جديد وقذر يراد منه كسر إرادة الشعب وترويعه من التظاهر السلمي، وهو تصرف له عواقبه الوخيمة على السلم والاستقرار الأهلي».

«القدس العربي»

إضافة تعليق جديد