أمير الشعراء سيدي محمد ولد بمبا لـ"الشرق": شعب موريتانيا انتفض رفضاً لحصار قطر

3 سبتمبر, 2017 - 00:08

قطر دولة تدافع عن أمتها ولا تستحق الحصار

المثقفون عليهم الصدع بالحق وعدم خلط السم في العسل

تسييس الثقافة خطر على المشهد الإبداعي

الشعر يلعب دور البطولة في إثارة الشجن الوطني

إقحام الشعراء بالسياسة يؤثر على موضوعية القصائد

أجرى الحوار- طه عبد الرحمن.. تصوير: إبراهيم كوتي

لم يكن رفضه لحصار قطر وليد عاطفة آنية، بل حب متجذر للدولة ولقيادتها الرشيدة في قلبه، وما توجيهه الشكر لصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، عنا ببعيد، وذلك أثناء تتويجه بلقب "أمير الشعراء" عام 2008.

هو شاعر موريتانيا والعرب سيدي محمد ولد بمبا، والذي شارك أخيرًا في أمسية شعرية بمدينة الرويس، ألقى خلالها قصائد وطنية حبًا في قطر وقائدها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه.

"الشرق" التقته للوقوف على موقفه من حصار قطر، وأهمية الشعر في مثل هذه الأزمات، والمحاولات التي ترمي إليها دول الحصار لتسييس الثقافة، والأخذ بالمبدعين إلى دائرة الجدل والشقاق، إلى غيرها من جوانب، جاءت جميعها على النحو التالي:

* كيف تصف دور الشعر في تعميق الانتماء الوطني خاصة أثناء الأزمات؟

** هو دور كبير، ولذلك شاركت في أمسية شعرية بمدينة الرويس في شمال قطر، بصحبة نخبة من شعراء قطر والكويت وسلطنة عمان، استهدفت تعميق الانتماء الوطني، والتأكيد أن القصائد الوطنية تستطيع أن تقدم أكثر مما تقدمه السياسة، وأن الشعر يستطيع أن يحتوي الاقتصاد والسياسة، فنحن أمة عربية تقرض الشعر منذ زمن بعيد، وتبيع الشعر، ما جعلها تعيش على الشعر، كونه يحمل القيم، لذلك يجب أن يكون هناك توهج فيما يتعلق بالقصائد، وإقامة الأمسيات الشعرية لتقريب وإصلاح ما تفسده السياسة، ولشرح الوضع العربي بشكل صريح.

رفض الحصار

* في هذا السياق.. كيف تنظر كشاعر موريتاني إلى حصار قطر؟

** قطر يجب ألا يتم مقاطعتها، فهي دولة عربية وإسلامية، ولها مواقفها المدافعة عن حقوق أمتها، وما يثير المرارة حقًا، أنه يحرم حصار الشعوب في شهر رمضان المبارك، فما بالنا بحصار شعب عربي ومسلم وجار وشقيق خلال الشهر الكريم، على نحو ما كان من حصار قطر، خاصة أن الحصار نفسه لم تكن له دوافع أو دواع.

* في هذا الإطار.. ما هو الدور المطلوب من الشعراء تأكيدًا لرفض هذا الحصار؟

** إننا كشعراء وكأدباء يجب أن نأخذ الشعر بشكل أوسع، فالشاعر يحمل رسائل، ولذلك عادة ما تكون قصائده الوطنية بمثابة تقريب بين الشعوب، لتقوم بدورها تجاه إصلاح ما تفسده السياسية.

وإننا كشعب موريتانيا نرفض حصار دولة قطر، وهو موقف كل الشعب الموريتاني، إذ ليست هناك مصلحة في حصار الشعب القطري، والذي نعتبره قرارًا سياسيًا، ينبغي نأي الشعوب عنه. ولذلك كله، فإن الشعب الموريتاني كله انتفض تجاه رفض حصار قطر.

ولعل مشاركتي في أمسية الرويس الشعرية التي سبق الإشارة إليها، أمر يؤكد أن الشعب الموريتاني كله يدعم الشعب القطري، وأنه يرفض حصاره، فلسنا مع هذا الحصار، وقطع العلاقات الخليجية - الخليجية. وهذا ما قاله المثقفون والبرلمان بغرفتيه، وكافة شرائح المجتمع في موريتانيا، فالجميع يرفض حصار قطر.

تدجين المثقفين

* وما تعليقك على رغبة دول الحصار في إقحام السياسة بالثقافة والعمل على تسييسها؟

** من المهم رفض ربط الثقافة بالسياسة، وعدم تسليع الثقافة، بمعنى أن تصبح الثقافة سلعة، وهذه أكبر المشاكل، أن يتم تسليع الشعر خصوصًا والثقافة عمومًا، فهذا أمر غير مقبول، لأن الثقافة عبارة عن قيم، والقيم يجب أن تظل بعيدة عن الماديات، وعن توظيفها.

كما أنه من المهم رفض تدجين المثقفين، الذين يتم توظيفهم وفق آليات نرفضها جملة وتفصيلاً. لذلك كله يجب إبعاد الثقافة عن المعترك السياسي، لتكون للقصيدة الوطنية موضوعيتها وتأثيرها الواضح في أوساط المتلقين.

رسالة المثقف

* حال إقحام المثقفين في السياسة ما هو الدور المطلوب منهم إزاء ما يجري في محيطهم؟

** المثقف يحمل رسالة، وعليه الصدع بالحق، وأن يسخر آلياته الفنية لإيصال ذلك الحق، لأن هذه أمانة، ينبغي أن يقدمها المثقف، سواء كان شاعرًا أو غيره لأمته والمتلقين. ومن المهم الحذر من إفساد هذه الذائقة، بدسم السم في العسل.

"ديوان العرب"

* في ظل انحيازك للشعر، وتجذره لديك، هل ترى أنه لا يزال "ديواناً للعرب"؟

** صحيح، الأمر كذلك، فالشعر لا يزال صاحب البطولة في إثارة الشجن الوطني، ولذلك نرى توظيفه على نطاق واسع في الأغنية الوطنية. ولذلك نرى إقبالاً لافتاً من جانب المتلقين على الأمسيات الشعرية، وحرصهم على حضورها بشكل لافت، ما يعزز ويؤكد في الوقت نفسه أن الشعر مهما كانت المؤثرات الأخرى، ومهما كانت ألوان الإبداع المتنوعة، فإن الشعر لا يزال حاضراً لدى المتلقين، ما يجعله بحق "ديوان العرب".

مرونة الشعر

* وبرأيك، ما هي الإمكانيات التي تجعل القصيدة الشعرية قادرة على الصمود إزاء كل المؤثرات الأخرى التي تهدد من تربعها على عرش الإبداع؟

** لا يزال الشعر العربي، سواء كان نبطياً أو فصيحاً، له جمهوره. ومن أبرز الأسباب في ذلك، مرونة الشعر وعذوبة ألفاظه، ووصوله بسهولة لدى المتلقين. ولعل هذا ما يجعل جمهوره مختلفاً عن أي لون إبداعي آخر، الأمر الذي يمنحه ميزة كبيرة.

انسحاب من لجنة النشيد الوطني

انسحب الشاعر سيدي مؤخراً من لجنة إعداد تغيير كلمات النشيد الوطني الموريتاني. وقد أصدر بياناً بذلك قال فيه تشرفت الأسبوع الماضي بوجود اسمي وبموافقة مني ضمن قائمة لجنة إعداد النشيد الوطني الذي صدر بمرسوم رئاسي ونشر في الجريدة الرسمية، وبالرغم من هذا التكليف الذي اعتبره تشريفاً ووساماً أضيفه إلى تاريخي في خدمة هذا الوطن الغالي وترسيخ لقيم الحب والخير والجمال إلا أنني أجدني بعد صدور أسماء اللجنة وطريقة ترتيبها وعدم اعتماد معيار واحد واضح لذلك كله… أجدني مضطراً للاعتذار والانسحاب وهو ما أوضحت للسيد الوزير مباشرة وتفهمه مشكور راجياً قبول اعتذاري وإعفائي.

لقراءة المقابلة في مصدرها اضغط هنا

إضافة تعليق جديد