الحروب في بلادنا وعليها: عشر خلاصات/.. معن بشور

16 مارس, 2017 - 00:13

عشية الذكرى السادسة اندلاع الحرب في سورية وعليها قبل ست سنوات (15/3/2011)، وعشية الذكرى الرابعة والاربعين للحرب في لبنان وعليه في (13/4/1975)، وقبل ايام من مرور ست سنوات عللى قرار مجلس الامن بارسال الناتو لتدمير ليبيا، وقبل أيام على الذكرى الثانية لعدوان “عاصفة الحزم” على اليمن، وفي أجواء الحروب الطاحنة في العديد من أقطار الأمّة وعليها، استذكر حديثاً لي أمام اعضاء النادي العربي في بريطانيا، وعلى رأسه الصديق الحببب ضياء الفلكي عام 1992، بعنوان “الحرب اللبنانية دروس وعبر” أطلقت خلاله دعوة الى كل أهل الفكر والرأي والنضال في الوطن العربي لدراسة تجربة الحرب اللبنانية (1975 – 1990) لتحصين مجتمعاتهم من شرور حروب مماثلة كالتي شهدها لبنان، وقلت يومها أن بلداننا جميعاً في حالة حروب فيها وعليها، “بعضها معلن، وبعضها كامن” ينتظر اللحظة المناسبة.

يومها ذكرت بعض العناوين التي ترسم نهج المدرسة الفكرية والسياسية التي أنتمي اليها:

إن الحرب أولها كلام… تبدأ بالتخوين، وتتأجج بالتكفير، وما بينهما من إقصاء وإلغاء واستئصال واجتثاث.

إن الحروب الأهلية كرقصة التانغو لا تتم إلاّ بوجود راقصين، فراقص واحد لا يكفي…

إن كل متورط في حرب داخلية يعتقد في بداية الأمر أنه يقوم بثورة، أو يدافع عن ثورة، فلا يمر وقت طويل حتى يكتشف أنه غارق في آتون دموي لا قرار له، بل يكتشف أن “الطريق إلى جهنم معبد بأصحاب النوايا الطيبة”.

تبدأ الحروب الداخلية بين فريقين أو طرفين أو حتى جماعتين، ولكن سرعان ما تتحول إلى حروب داخل الفريق الواحد أو الطرف الواحد أو الجماعة الواحدة…

في الحروب الداخلية يقوم اقتصاد مواز للاقتصاد القائم، وأحياناً يفوقه حجماً، وتنشأ داخله مصالح وعلاقات مترابطة ومتشابكة بين مراكز قوى في طرفي الحرب، تشكل عائقاً في وجه أي حل يسعى لإخراج البلاد من الحرب، بل تشترك هذه المراكز المتضررة من وقف الحرب في محاصرة دعاة السلم الأهلي والوحدة.

مع احتدام الصراع الداخلي بين الأطراف المحلية يلجأ البعض إلى الاستقواء بالخارج حتى ولو كان عدواً (كالاستعانة بالعدو الصهيوني أو الأمريكي أو أدواتهما في الإقليم)، ولكن سرعان ما يتحول الطرف الداخلي إلى رهينة للخارج مسبغاً على ارتهانه تبريرات وتنظيرات عقائدية وفكرية… وأحياناً طائفية ومذهبية.

مع احتدام القتال يتم اللجوء الى لغة التحريض الطائفي والمذهبي والعرقي والجهوي بأبشع صورها، فلا تترك الحروب خراباً ودماراً وقتلاً وحصاراً في الحاضر فحسب، بل تعيد قراءة الماضي بما يناسب أهواءها ومصالحها، وتمعن في تدمير عرى المستقبل بكل تفاصيلها الاجتماعية والإنسانية.

العلاقة بين الداخل والخارج كالعلاقة بين عود الثقاب وكومة القش. فكل أعواد الثقاب لا تصنع حريقاً إذا لم تكن كومة القش جاهزة، وكل قش الدنيا لا يشتعل إذا لم يجد عود ثقاب أو ما شابه لإشعاله.

فالمعالجة الداخلية للثغرات هي أفعل وسائل مقاومة للتدخلات الخارجية.

صحيح أن بعض الحروب قد حسمها الميدان أولاً، لكن الحسم الميداني يؤسس لحروب مقبلة إذا لم تواكبه مصالحات وتضميد جراح وحوارات تعالج كل تفصيل ممكن.

إن التحصين الحقيقي للمجتمعات يحتاج إلى تعميق ثقافة الحوار أي القبول بالآخر، وثقافة الوحدة أي التكامل مع الآخر، وثقافة المشاركة في تقرير شوؤن وطن هو لكل أبنأئه.

أن نتذكر دائماً أننا نعيش في أمّة لن يهنأ لها بال، وفي إقليم لن يرتاح، قبل التخلص من سرطان خبيث يفتك بنا كل يوم هو المشروع الصهيو – استعماري الراعي الحقيقي لكل فتنة أو احتراب، والذي لا يمكن اقتلاعه إلاّ بالمقاومة سلاحاً وثقافة وخياراً ونهجاً، والتي تشكل مع الوحدة جوادا عربة الخلاص والنهوض لأمّتنا.

المصدر

إضافة تعليق جديد