رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان يتحدث عن ملابسات الإفراج عن ولد صلاحي (مقابلة)

18 أكتوبر, 2016 - 14:16

قال رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان السيد عبد الله ولد بيان إن أهم عامل فى الإفراج عن ولد صلاحي بعد القرار الأمريكي هي مذكراته التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة وكانت رغم التشويه المتعمد من سجانيه أول وثيقة تخرج من داخل أقبية سجن " غوانتنامو " ويقرؤها المواطن فى كل أرجاء العالم 

وانتقد ولد بيان فى مقابلة مع السراج وضعية التصريح داخل إدارة الأمن معتبرا أن ولد صلاحي لم يتحرر فى تلك ا للحظة ومضيفا أن على الصحفيين أن يتركوا الرجل يستريح ويلتقي محاميه ويأخذ فترة ثم بعدها يتحدثون معه 

وتحدث ولد بيان فى المقابلة عن ظروف الاعتقال وكيف غادر أمريكا وعن قضيته من البداية وحتى اليوم 

 المقابلة كاملة :

- السراج: تحية طيبة سيادة الرئيس

 أول نبارك لكم إطلاق سراح محمدو ولد صلاحي، ونشكركم على إتاحة الفرصة لطرح بعض الأسئلة على مؤسسة حقوقية بمستوى المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان الذي تابع القضية منذ البداية وحتى اليوم.

أولا: ما هي الظروف التي جاء فيها إطلاق سراح محمدو ولد صلاحي وترحيله إلى موريتانيا؟

- عبد الله بيان: طيب، السلام عليكم ورحمة الله، شكرا لكم، بداية نهنئ أنفسنا في المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان ونهنئ الشعب الموريتاني بهذه المناسبة بشكل عام وبشكل خاص المهندس محمدو ولد الصلاحي والمحامين: فريق الدفاع في موريتانيا وفي الولايات المتحدة الآمريكية، بإطلاق سراحه.

بالنسبة لما يتعلق بظروف الإفراج عن السيد محمدو، فقد جاءت بعد أن أتيحت له فرصة مراجعة ملفه، فهناك لجنة تسمى لجنة مراجعة ملفات سجناء اغوانتنامو شكلها الرئيس الأميركي أوباما في سنة 2011، ولم يجد الأستاذ محمدو فرصة مراجعة ملفه بعد أن شكلت إلا في 2 يونيو من 2016 في جلسة حددت له بعد أن رفع قبل ذلك قضية ضد الحكومة الأميريكية يطلب فيها أن يستمع إليه ويراجع ملفه.

هذه الجلسة _لله الحمد_ أسفرت عن تبرئة محمدو من أي صلة له تؤثر على الأمن أو تجرمه حقيقة، ولم توجه له أية تهمة رسمية خلال الخمس عشرة سنة الماضية التي قضاها في السجن، وبالتالي جاء الإفراج عنه وتحويله إلى موريتانيا كتنفيذ للتوصية التي قدمتها اللجنة.

الظروف العامة هي أن الولايات المتحدة بعدما قامت بسجن حوالي 800 شخص في هذا السجن منذ سنة 2002 بتهمة الإرهاب أخضعتهم لهذا الكم الهائل من التعذيب والإهانة حيث توفي منهم على الأقل تسعة أشخاص، فشعرت الحكومة بالورطة التي دخلتها، خاصة وأنها لم تجد أي دليل، فكل الأدلة الموجودة ملوثة بالتعذيب ولا تصلح لأن يتم عرضها أمام القضاء، وبالتالي بدأت في إرسال السجناء الذين لا توجد عليهم أية تهمة إلى بلدانهم وهذا ما حدث بالفعل.

بقي في السجن ستون شخصا، وهذا العدد كثير وإن كان قليلا بالمقارنة مع العدد الأصلي، وعشرون منهم تنتظر الإفراج والتحويل إلى بلدان أخرى .

- السراج: كيف علمتم أنتم في المرصد الموريتاني بالإفراج عن محمدو ولد صلاحي؟ ومن أي جهة جاء الخبر؟ وما هي الظروف التي غادر فيها جزيرة اغوانتنامو ؟وهل وصل نفس اليوم الذي غادر فيه أم كانت ثمة إجراءات أخرى؟

- عبد الله بيان: إجراءات نقل السيد محمدو صلاحي يكتنفها نوع من السرية كنا ننتظرها يوم أمس، لكن كانت هناك إجراءات أمنية على مستوى وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع، حيث يجب التأكد من أن الاستلام تم فعلا من طرف الحكومة الموريتانية للإعلان عن الخبر بشكل نهائي.

السيد محمدو تم نقله إلى موريتانيا في طائرة أميركية، واستلمته الحكومة الموريتانية بشكل رسمي وتلقينا الخبر وكنا على تواصل مباشر مع المحامين ومع الجهات التي تتولى الملف في وزارة الخارجية الأميركية، وتوصلنا إلى تأكيد خبر وصوله.

طبعا الموضوع كان متوقعا في الأيام الماضية، وكنا نحاول أن نبعده عن الإعلام، فداخل أميركا _كما تعلمون_ يسيطر اليمين الآن على المؤسسات التشريعية وعندما يسمعون عن طريق الإعلام بأن سجينا _مثلا: السيد محمدو الذي يعتبر أحد عناوين هذا الملف الذي يسمى الإرهاب هنا في الولايات المتحدة_ سيرحل فقد يعيقون ذلك الترحيل، وخاصة إذا علمنا أن الغرفة السفلى _غرفة مجلس النواب_ في الكونغرس الأميركي قد أصدرت قرارا منذ أسابيع لمنع هذا التحويل من قبل الحكومة الأميركية للسجناء الذين يوصى بإطلاق سراحهم، والموضوع لم يوافق عليه مجلس الشيوخ بعد، ولكن لمجرد الخوف أن يحدث شيء من هذا القبيل، حاولنا أن يبتعد الموضوع عن الإعلام حتى يعلن عنه بشكل رسمي من طرف الحكومتين الموريتانية والأميركية وهذا ما حدث فعلا.

 

السراج: من المعروف أن الشعب الموريتاني قام بالكثير من المظاهرات والوقفات والتحركات الحقوقية من طرفكم ومن طرف الآخرين، لكن الناظر إلى قضية التسليم أمس يظن أن الحكومة الموريتانية هي التي قامت بكل هذا الجهد أوهي التي قطفت نتيجته أخيرا؛ كمطلع على الملفات المشابهة وملف السجين محمدو: أي دور يمكن أن يؤثر في قضية سجناء اغوانتنامو المعروفين بالتشديد عليهم وحساسية وضعيتهم؟ هل يمكن أن يؤثر الموقف الشعبي والمطالبات الحقوقية؛ وما تأثير الموقف الموريتاني الرسمي من القضية؟ وهل قامت بجهد يذكر في هذا الإطار؟

- عبد الله ولد بيان: أريد أن أوضح أن هذا الملف لا يختلف كثيرا عن الملفات المشابهة؛ سجن اغوانتنامو فيه كما ذكرت الآن ستون شخصا، من أصل 780 شخصا تم ترحيلهم بعدما تمت تبرئتهم أو لم تثبت تهمة من التي وجهت لهم الإدارة الأمريكية، وبالتالي هؤلاء الأشخاص الأبرياء يفضل أن يتم تحويلهم إلى بلدانهم إن كانت بلدانهم فيها حكومات مستقرة، وهذا ما حدث بالفعل مع سجناء موريتانيا، مع : سيدامين الذي سلم 2007 في عهد الرئيس السابق سيد ولد الشيخ عبد الله، والسجين أحمد ولد عبد العزيز الذي سلم لموريتانيا 29 أكتوبر السنة الماضية بعد أن تمت تبرئته وانتظر الإفراج طويلا منذ سنة 2009، وحدث اليوم كذلك أو يحدث أمس مع الأستاذ محمدو ولد صلاحي؛ لو لم تستلمه موريتانيا كان سيقدم دفاعه خيارا آخر لاستلامه، لكن الحكومة مشكورة _وإن كان لا شكر على واجب_ قبلت باستلام محمدو ولد صلاحي.

الدفاع عن مثل هذه القضايا يتم داخل غرف القضاء واللجان المختصة والهيئات التي تدافع ودافعت عن محمدو _كما يعلمها المطلعون على هذا الملف_ هي هيئة دفاعه هو الخاصة؛ محاموه في موريتانيا والحملات الحقوقية للتعريف بقضيته، والحملة التي ساعد هو أساسا في إطلاقها سنة 2015 في يناير عندما نزلت مذكراته "يوميات اغوانتنامو" إلى السوق مترجمة لأكثر من 20 لغة وهزت بقوة الضمير الإنساني العالمي.

تلك هي الأساسيات التي أثرت في ملف محمدو ولد صلاحي، بالإضافة إلى الرغبة الأمريكية الداخلية والرغبة عند الرئيس أوباما في إخلاء سجن اغوانتنامو ما أمكن كما تعهد بإغلاقه، لكنه الآن يحاول أن يخفض نزلاء هذا السجن إلى أقل رقم ممكن، ونتيجة هذه الرغبة شكلت هذه اللجنة وعلى أساسها راجعت ملف محمدو ولد صلاحي، ودافع عنها المحامون وقدمت لها الهيئات والمنظمات الحقوقية وغيرها عرائضها المطلبية ، وهذا ما نتج عنه إطلاق سراح محمدوأساسا.

طبعا، بالنسبة للتصريح، هو لا يمكن أن يعتبر تصريحا إعلاميا بعد الإفراج لأنه لم يفرج عنه في ذلك الوقت؛ كان فعليا تصريح أثناء الاعتقال إذ لا يزال في إدارة الأمن- ربما نفس إدارة الأمن التي سلمته قبل خمسة عشر عاما - ولم يصل إلى منزله، كأنه في مشهد يوحي بأن إطلاق سراحه مشروط بمثل هذ التصريح.

ثانيا، تم اجتزاء التصريح الذي قدم _كما علمنا_ بشكل يجعله يخرج بصيغة تمجيدية؛ حقيقة كنا نربأ بالسلطات أن تنزل لمستوى هذا، فإذا قارنا هذا التصريح بالتصريح الذي قاله لوسائل إعلام عندما أصبح حرا بشكل فعلي نجد فرقا شاسعا بين اللغتين .

السراج: بحكم اطلاعك على محامي الشاب محمدو ولد صلاحي، ما هو المتوقع منه في الأيام القادمة، خاصة أنك كتبت على صفحتك أن محاميته ستزوره هنا، ماذا نتوقع من محمدو ولد صلاحي في الأيام القادمة؛ هل بإمكانه أن يتحدث لوسائل الإعلام وأن يسافر كما يريد؟ ما هي ظروف سجين مفرج عنه مثله؟ هل هناك تبعات قانونية  يتابعها معه محاموه .

- عبد الله بيان: بالنسبة لما يتعلق بالمحامين، فرئيسة فريق دفاع محمدو السيدة " نانسي هولاندر" ستصل إلى موريتانيا غدا الأربعاء حسب المبرمج، ويوجد في موريتانيا محاميه الأستاذ إبراهيم ولد أبتي، وبالنسبة للأمور المتعلقة بالمقابلات الإعلامية والتصريحات فلا شك أنكم تعلمون أن السجين محمدو أمضى الآن عقدا ونصف العقد داخل السجن ولا أعتقد أن من مصلحة الشعب الموريتاني ولا من يريد أصلا ردة فعل حقيقية تعكس الواقع أن يسلط عليه الكاميرات وأن يعد معه التصريحات قبل أن يجد أهله ويجد ظروف حياته الطبيعية ويلتقي بمحاميه.

محمدو الآن عنوان مهم في النضال العالمي لرفض الظلم والإهانة والتعذيب عن طريق المذكرات التي أصبحت الوثيقة الوحيدة الآن التي خرجت من السجون، وربما الوثيقة الوحيدة الآن التي توثق الجحيم الذي تعرض له ويتعرض له سجناء اكوانتنامو،  وبالتالي فتصريحاته ينتظرها العالم ومن المفترض منا جميعا وخاصة بالنسبة للإعلاميين أن ننتظر قليلا حتى يرتب أموره مع محاميه في موريتانيا ومحاميته التي ستصل غدا كما ذكرت، وبعد ذلك سيكون لكل حادثة حديث.

بالنسبة للإجراءات الأمنية المتعلقة بالسفر فهي أمور تفصيلية؛ أفضل من سيأل عن تفاصيلها الدقيقة هو الحكومة الموريتانية، لكن أتوقع أنه في الوقت الحالي يريد أن يقضي وقته مع أسرته ولا يريد أن يسافر، وإذا كان في المستقبل يمكن أن يسافر فسيكون حتما من أجل الترويج لكتابه حول العالم، أو لمزيد من الكتب لم تصل بعد مرحلة النشر، ومن المتوقع أن تكون له منشورات في المستقبل.

- السراج: السيد عبد الله بيان رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان شكرا جزيلا لك.

- عبد الله بيان :  شكر جزيلا لكم أنتم 

المصدر: السراج

إضافة تعليق جديد