قصر الرومية بالجزائر.. قصة حب ملك موريتاني وهديته لزوجه كليوباترا سيليني

27 أبريل, 2016 - 15:45

تختلف الهدايا وتتنوع، وقيمتها تعني لدى البشر الكثير فيما تعني الرمزية أكثر لدى العشاق، هذا ما يرويه قصر الرومية، وسط الجزائر، لزواره. فهو رمز وهدية قدمها عاشق لحبيبته في سنة 40 بعد الميلاد. القصر، الذي يتوسط منطقة تيبازة على بعد 100 كيلومتر، غربي العاصمة الجزائرية، بناه ملك الأمازيغ (يوبا)، الذي حكم موريتانيا، من أجل زوجته كليوباترا سيليني، ابنة كليوباترا حاكمة مصر، وبحسب الروايات التاريخية فإنها دفنت فيه بعد وفاتها

يشبه قصر الرومية أو قصر البيزنطية كومة التبن الضخمة أو خلية النحل حيث بني بالحجارة الضخمة، فكلما اقتربت المسافة في اتجاه القصر يتلمس الزائر ضخامته، وشكله الهندسي المثير حيث يعود بناؤه إلى فترة حكم الرومان/البيزنطيين لمملكة موريتانيا القديمة التي تضم كل من المغرب الأوسط والمغرب الأقصى.

وإلى اليوم يتربع قصر الرومية على عرش المعالم الأثرية الجزائرية لضخامته، حيث يتمكن أي شخص من رؤيته وهو قادم من العاصمة الجزائرية نحو مدينة "تيبازة"، كما يعد علامة البحارة والصيادين غرب سواحل الجزائر ليهتدوا به أثناء رحلاتهم في البحر كما أنه علامة مميزة لكل المناطق المجاورة لمحافظة تيبازة الأثرية.

رغم مرور قرون طويلة على تشييده، ظل هذا المعلم التاريخي، بحسب المؤرخين في الجزائر، يطرح العديد من الأسئلة عن تركيبته وشكله وأسراره التي يحتفظ بها على مر القرون. التسمية مثيرة، حيث ذكر المختص في تاريخ المغرب القديم بجامعة الجزائر الدكتور يحي بن سعيد لـ"الترا صوت" أن "المعلم حمل العديد من التسميات من بينها قصر الرومية أو البيزنطية وقصر ملكة موريتانيا القديمة والضريح الملكي الموريتاني وكذلك هناك من أطلق عليه تسمية مقبرة أو قبر الرومية".

وارتبط بناء القصر، حسب الدكتور بن سعيد، بقصة ورواية تواترت على الألسن وهي قصة الحب التي نشأت بين الملك يوبا وابنة حاكمة مصر كليوباترا سيليني. والقصر في أعلى جبل وسط مدينة سيدي راشد بمحافظة تيبازة، فيما يبلغ ارتفاعه 261 مترًا ويطل على البحر ويشرف أيضًا على سهول منطقة "متيجة"، أغنى الأراضي الزراعية في الجزائر، وهو ما جعله يحتل موقعًا استراتيجيًا ويبقى تحفة معمارية أصبحت على مرور الزمن قبلة للسياح من كل حدب وصوب.

اللافت للانتباه أن القصر يجذب الناظر على امتداد 20 كيلومترًا في الطريق من غرب العاصمة الجزائرية نحو منطقة تيبازة، حيث تتراءى للزائر قبة حجرية بنية اللون ثم تتوضح الصورة عن قرب لهرم بشكل دائري أو ما يشبه الإسطوانة.

هندسيًا، يوضح المختصون أن "البناء قطر دائرته 64 مترًا وقاعدته مربعة طول ضلعها 64 مترًا وتزين المبنى بـ60 عمودًا بتيجان إيوانية وفي الجدار الخارجي يرى الزائر صفائح حجرية عملاقة منقوشة تبدو وأنها أبواب طولها سبعة أمتار ولكنها أبواب وهمية". وينتهي المبنى، بحسب المختصين، "بشكل مخروطي مدرج يتعدى ارتفاعه 41 مترًا بحسب الدراسات التاريخية".

وهناك مدخل للقصر يؤدي بالزائر نحو دهليز واسع تتوسطه غرفتان بأعلى بابيهما رسومات للأسد، وهي الرسومات الوحيدة داخل "قصر الرومية"، حيث لفت الدكتور بن سعيد أن "قصر الرومية تتغير ألوانه بحسب الفصول وحسب ساعات اليوم الواحد"، موضحًا أنه "يأخذ لونًا رماديًا وفي الأعلى يأخذ اللون الأزرق عندما يحيط به الضباب كما يميل للاصفرار عندما تشع الشمس في الصباح ليأخذ اللون الآجوري والبرتقالي عندما تحل شمس الظهيرة، ثم ليميل إلى البني في المساء وغروب الشمس بينما تأخذ حجارته ألوانًا مختلفة بحسب سيران الشمس".

وبات "قصر الرومية" قبلة الزوار من مختلف المحافظات والسياح الأجانب أيضًا، حيث زاده الموقع الاستراتيجي جاذبية، وهو الذي يطل على الغابات والمساحات الخضراء وعلى البحر أيضًا، كما أنه يقدم للزوار تحفة معمارية مختلفة عن المعالم التاريخية التي تزخر بها الجزائر لتظل الأسئلة مطروحة لدى الزوار، متعلقة بطريقة بنائه خاصة، لكنه يبقى على كل حال رمزًا للحب في ذلك الزمن الجميل.

المصدر

إضافة تعليق جديد