هيا نفكر بالمنطق: هل تحول نصر لله حقاً من “قائد مقاومة” إلى “زعيم عصابة”؟

9 مارس, 2016 - 13:07
خالد الجيوسي

خالد الجيوسي: هيا نفكر بالمنطق: هل تحول نصر الله حقاً من “قائد مقاومة” إلى “زعيم عصابة”؟ أم أن الخصوم لم يجدوا إلا “حسن” بين حقيقته وحكايته؟!.. كاظم الساهر لم يقل قلدوه بل حمل الكتاب وقال إقرأوه! .. وفي الأردن: إغتصب الفتاة واحصل عليها “مجاناً” فقوى الشد العكسي تسحب “الأخيار” إلى “جنة الأشرار”

دعونا نلتزم بالحياد، ونفكر ببعض المنطق، دعونا لا نقف إلى أي جانب، ونلتزم بعدم إطلاق الأحكام اللامنطقية، والتي تجمعها صلة وثيقة مع توجهاتنا، وطوائفنا، وديننا، مقدمتي تلك تبدو أقرب إلى تلك الدعوات التي يطلقها أستاذ لغة عربية في الحصة الأخيرة، يدعو فيها طلابه “المتعبين” إلى التفكير مطولاً في كتابة مادة تعبيرية، تكون فيها الصياغة، والمضامين أقرب إلى فصاحة قصيدة شعرية كتبها المتنبي، وألقاها أبو العلاء المعري على قوم من الفصحاء!

لربما لن تأخذ دعوة مقدمتي مكانها في عقول البعض من القراء، كما لم يتمكن الطلاب من كتابة التعبير الفصيح الذي يريده أستاذهم، على أمل أن يدق جرس الحصة الأخيرة، معلناً انتهاء الدوام، أو في حالتي يعلن انتصار أحدهم على الآخر بالكمال والتمام، ولعلنا نتمنى أن يتصالح الجميع، ويعود الأمن والأمان لجميع أوطاننا، فنحن كما يقول الحكماء شعوب تستحق السلام، ولأنني ألتزم الحياد، دعوني أطرح سؤالاً بسيطاً بعيداً عن أي توجهات، هل يحق للإنسان الدفاع عن قيمه، وأخلاقه، ودينه، ووطنه؟ سيجيب الجميع هنا “نعم بالتأكيد”، سؤال آخر لو سمحتم لي، هل يحق للإنسان أن يدافع عمن يعتبر ظهره وسنده؟ نعم ستجيبون بالتأكيد! سؤال أخير، واعذروني للإطالة في أسئلتي، هل يجوز أن يكون هناك تمييز بين صاحب حق وآخر؟ لا يجوز بالطبع، هذه إجابتكم على ما أعتقد، جيد بل هو رائع ما أجبتم به على أسئلتي، بل وتستحقون عليه درجة الامتياز.

أسئلتي، إجاباتكم شرعتها، وهو بالتحديد ما قام به السيد حسن نصرالله أمين عام حزب اللبناني في الرد على كل المنتقدين والمهاجمين خاصة في خطاباته الأخيرة على شاشة “المنار”، والتي شن فيها هجوم عنيف على السعودية، فالأخيرة قامت بالتشكيك في قيمه وأخلاقه، واتهمته بمصدر تمويل مالي فاسد، وهنا يحتم الواجب عليه بحسبه الرد عليها، ليدافع عن نفسه، السعودية بنظره حاولت إسقاط ظهره، وحليفه الرئيس بشار الأسد، فما كان منه إلا أن وقف إلى جانب حليفه “قولاً وفعلاً”، لربما يكون نصرالله على حق، وربما تكون السعودية على حق، وإن كنا نقف مع وجهة نظر نصرالله وحزبه، إلا أن الطرفين يعتبران أنفسهم أصحاب الحق، ولكلا الطرفين كل الحق بإثبات وجهة نظرهم بالحجج والدلائل والبراهين، دون التضييق عليهم، وهو ما أكد عليه نصرالله في محضر حديثه عن لجوء الخصوم إلى طرق “هابطة” لن يلجأ إليها، منها تقليده “كوميدياً” من باب السخرية منه، والتقليل من شأنه، في معركة إعلامية وسياسية وعسكرية تستهدفه وحزبه “المقاوم”، والذي اعتبرته السعودية مؤخراً ومحورها حزباً إرهابياً!

يحاول البعض توجيه اللوم للسيد حسن نصرالله على هجومه العنيف على السعودية في خطاباته المرئية بالقول أنه لم يعد يتمتع برجاحته التي اعتدناها، وخطاباته المتزنة التي ألفتها مسامعنا، وصورته “الأفلاطونية” التي رسمناها، إلى درجة أن البعض وصل به الأمر بالقول أن طريقته “الخطابية الهمجية” حولته من “قائد مقاومة”، إلى “زعيم عصابة”، أعتقد من وجهة نظري أنهم مخطئون بذلك الشأن تماماً، فردود “سيد المقاومة”، وإن بدت “انفعالية” في الشكل، تبقى الحد الأدنى في الرد على سلسلة هجومات إعلامية كتابية، سمعية، مرئية، لم يعد يجد الخصوم لها عنواناً، إلا ذلك العنوان المشترك “حسن”، فبين حكايته وحقيقته، وقصته، وطائفته، بقي الحسن “حسناً” في عقولنا، وعدواً لعدونا على الأقل، وهو المطلوب، وبالنسبة لبقية العقول نترك لنصرالله التصرف بحق الرد الذي يراه مناسباً من باب الحقوق، وعن ذلك الحياد الذي لم أتمتع به إن كنتم تسألون، يبدو أن جرس الحصة الأخيرة قد أعلن نهاية الدوام!

“القيصر” يدعو إلى القراءة

شارك “قيصر” الغناء العربي الفنان العراقي كاظم الساهر، في حملة مصورة في إطار مبادرة “التحدي إلى القراءة العربي” التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهدف قراءة 50 مليون كتاب كل عام، وخلال المقطع الذي يعرض على شاشة “الإم بي سي”، يقول الساهر أن القراءة صقلت شخصيته، وعلمته كيف يتعامل مع نفسه قبل أن يتعامل مع الآخرين، ويستعرض سفير الأغنية العراقية بعض الكتب التي قرأها، ويقرأ على مسامع المشاهدين بعضاً من نصوصها التي كان منها لجبران خيل جبران، والشاعر شاكر السياب، ويشير صاحب “علمني حبك” أن القراءة أثرت تجربته كملحن وفنان، وساهمت في تشكيل شخصية كاظم الساهر التي يعرفها الجمهور اليوم.

من المعروف أن “القيصر” ساهم بشكل كبير من خلال غنائه القصائد العربية لكبار الشعراء العرب، والموقعة بألحانه، في دعم استمرار اللغة العربية إلى يومنا هذه بالحروف الفصحى الملحنة، وتواجدها “الفاخر” في عقول الأجيال الناشئة تحديداً، خاصة أن تلك الأجيال متأثرة إلى حد كبير بالموسيقى الغربية، وتلجأ في حالة سماع العربية إلى أغاني “الفن الرخيص”، تلك التي تهمش اللغة، وتضرب جمالية حروفها، وقيم حضورها عرض الحائط، وربما يحرض بعضها على الفسق والفجور بشكل مسف ومباشر!

الساهر بمشاركته الدعوة إلى القراءة، والتأكيد على أهميتها يكمل الدرب الذي بدأه من خلال أغانيه التي لا زلنا إلى اليوم نردد كلماتها الفصحى، وألحانها المتألقة العالقة في أذهاننا، الساهر يعلم زملاء المهنة كيف يجب أن يكون الفنان المسؤول عن قيمة الرسالة التي يقدمها، لكاظم الساهر وجب علينا توجيه الشكر والتقدير، هذا الفنان “الحساس″ الذي يحرص دائماً على أن يكون مثالاً يحتذى، وقدوة صالحة تسير خلفها الأجيال، الساهر لم يخرج علينا “بصرعة” قصة أو لباس، وقال قلدوه، هو حمل الكتاب ليجعله “موضة”، وقال لنا إقرأوه.

إغتصبها واحصل عليها “مجاناً”!

تشير الكاتبة والباحثة المغربية سناء العاجي، والتي حلت ضيفة على برنامج “حديث العرب” المعروض على شاشة “سكاي نيوز″ عربية ويقدمه الإعلامي سليمان الهتلان، إلى مبدأ “الشرف” في المجتمعات العربية المحصور في محافظة المرأة على “غشاء البكارة”، ومتى تم “فقده” بعلاقة غير شرعية ستتحول تلك المرأة فوراً  إلى “منتج” لا يصلح أن يستخدمه رجل آخر، ونحن هنا لا ننقل حرفياً على لسانها، وإنما نعيد نقل وجهة نظرها بمعيار قلمنا، وفهمنا لما قالته.

العاجي أيضاً تحدثت عن تلك القوانين “الظالمة” المطبقة في بعض البلاد العربية بحق المرأة، ومنها ذلك القانون الذي يسلم الضحية إلى جلادها، ويكمن في وضع الجلاد أمام خيارين في حالة الاغتصاب، الأول هو أن يتزوج المغتصب الفتاة التي اغتصبها، وإن رفض سيتوجه في خياره الثاني إلى السجن، وهو ما يعني حرفياً حصول الجاني على ضحيته مجانا،ً وهدية ترضية على جريمته!

المملكة الأردنية بين تلك الدول التي لا تزال إلى اليوم تطبق ذلك القانون “الظالم” بحق المرأة بكل المعايير، وبما أن اليوم هو يوم المرأة العالمي، أعتقد أن المملكة الهاشمية التي تسعى لأن تحتل مراتب عليا في حقوق الإنسان، والطفل، والمرأة، تصر على إهانة المرأة، وتحويلها لسلعة جنسية، وكأنها بذلك القانون “الرجعي”، تدعو الشاب إلى اختيار الفتاة التي تعجبه، ومن ثم انتظارها في المكان والزمان المناسبين، بعدها فليختار اللحظة المناسبة، وينقض على فريسته، لربما يحق للفتاة هنا “التمنع″ لتكتمل الحجة ويتم اغتصابها، على الشاب وبعد “تفريغ” شهوته رغماً عن أنف الفتاة التي اختارها، التوجه إلى أقرب مركز شرطة، وإبلاغهم باسم ضحيته، ومباشرة سيحصل عليها على طبق من فضة، هرباً من السجن كعقوبة بالنسبة له، وستراً للفضيحة بالنسبة لها أو لأفكار مجتمعها التي لا ترحم، وبدون لوازم “المهر”، ومتطلبات الزواج الصعبة، وكأننا في موسم “تنزيلات” يعرض السلعة “الفتاة” للاغتصاب، ويحصل الزبون إن اشترى “اغتصب” عليها مجاناً!

تمنيت ألا تكون الكاتبة العاجي من ضمن المطلعين على قانون العقوبات الأردني بخصوص المرأة المغتصبة المادة 308، لكن وكما العادة أمنياتي تذهب أدراج الرياح، والكاتبة تطرقت له، ووضعتني في حرج شديد على الأقل أمام نفسي بصفتي أحمل جنسية تلك البلاد، وددت في الحقيقة أن أجد إجابات مقنعة ومنطقية، لأضعها بين يدي الكاتبة، لعدم إلغاء المملكة الأردنية ذلك القانون، حاولت، فتشت، ولم أجد نصف إجابة شافية كافية، وأجبت نفسي قبل أن أجيب الزميلة الكاتبة سناء، بالقول أن هناك كما جرت العادة في مملكة الهاشميين قوى شد عكسي، تسحب كل “الأخيار” إلى “جنة الأشرار”!

خالد الجيوسي

كاتب وصحافي فلسطيني

راي اليوم