كل شيء وقع في احتفالات موريتانيا بعيد استقلالها له ما يبرره ما عدا شيء واحد لم يفهم له أي أحد شيئا وهو مشاركة وحدات من القوات الملكية المغربية في الاستعراض العسكري.. فالموريتانيون يعرفون، بالفطرة، ومن أكبرهم إلى أصغرهم، أن المغرب كان هو أول وآخر من عرقل استقلال موريتانيا، وأنه لازال إلى اليوم من هم في المغرب من يقولون أن موريتانيا "جزء" من المغرب، وأنه بمجرد انتهاء مشكلة الصحراء الغربية سيعاود المغرب المطالبة بموريتانيا.
أحتفالات موريتانيا بتنظيم استعراض عسكري كبير له ما يبرره: موريتانيا تريد أن تظهر أنها أصبحت قوة عسكرية في منطقة الساحل، وأن عهد عمليات الإرهاب ضد جيشها قد ولت؛ تريد أن تقول بلغة مستترة أنها أصبحت جاهزة كي يتم التعويل عليها في أي شيء يخص المنطقة برمتها.. كل شيء وقع في تلك الاحتفالات والاستعراضات يمكن أن يمر دون ان يثير أي تساؤل ما عدا مشاركة وحدات عسكرية فيه.؟ هل لهذا ما يبرره؟ هل من رمزية ما لما وقع؟ وإذا كانت شاركت في الاستعراض أيضا وحدات من السينغال وتشاد وغامبيا ومالي فلهذه الدول مبررات مشاركتها ما دامت تنتمي إلى دول الساحل المجاورة لموريتانيا، وبالطبع، لمشاركتها رمزية معينة مادامت هذه الدول تشترك مع موريتاينا في اسم دول الساحل الكبير، وتشترك في الحماية وتتبادل المعلومات لمراقبة المنطقة، خاصة من خطر الإرهاب.. هذا طبيعي، لكن غير الطبيعي هو مشاركة المغرب، هذا الجسم الغريب على دول الساحل وعلى الدول المجاورة لموريتانيا، ومعروف تاريخيا أن علاقته معقدة معها.. فمؤخرا يكون رئس موريتانيا في قمة الهند قد رفض أن يلتقي مع العاهل المغربي، وهي نقطة تُحسب للرئيس الموريتاني. وحتى على مستوى العلاقات البسيطة بين البلدين هناك تشنج، وموريتانيا بلا سفير في المغرب الآن، وتشتكي دائما من سخرية العاهل المغربي منها بتأجيله للكثير من الزيارات وإلغائه لها في آخر لحظة وهو ما لم تستسيغه موريتانيا..
الشيء الآخر الملفت للانتباه البسيط هو ان الاستعراضات هذه المرة وقعت في مدينة نواذيبو في شمال موريتانيا الغربي، وهي مدينة يقول المغرب انه سيجعلها مغربية في يوم من الايام بغزوها، لكن ليس عن طريق السلاح والجيش إنما عن طريق التجارة والمخدرات والمخابرات. وتعتبر نواذيبو الآن وكرا للمخابرات والتجارة المغربية، وتحولت إلى المدينة التي تتواجد بها أكبر جالية من المغاربة في التراب المورتاني كله.. لهذا فمشاركة الجيش المغربي في استعراض الجيش الموريتاني هذه السنة يحمل في ثناياه الكثير من علامات الاستفهام..
