القنصلية الإسرائيلية في أبو ظبي.. تطبيع عربي ليس غريبا ولا مفاجئا..!!

29 نوفمبر, 2015 - 21:20
مسعود مرتجى

تفاجأ البعض وخاصة الفلسطينيون بخبر إعلان إقامة قنصلية إسرائيلية في أبو ظبي، ولكن حقيقةً هو أمر نعتبره اعتياديا وغير مفاجئ صراحةً، ويأتي في سياق العلاقات العربية الإسرائيلية المستمرة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 وما قبلها والتي جاء فيها الاعتراف بحدود "إسرائيل" وحق الأخيرة في الملاحة والتجارة وحتى إقامة علاقات مفتوحة مع دول عربية مثل: الأردن وموريتانيا وقطر، وغيرها.

ولكن قد يتساءل البعض لماذا في هذا الوقت بالتحديد؟ ولكن حقيقة قبل الإجابة على هذا السؤال يجب الإشارة إلى أن البلدان العربية منقسمة بكل شيء حتى في القضايا الجوهرية والحتمية لذا من الصعب إيجاد رأي موحد تجاه قضية معينة، ومن الأمثلة البسيطة على ذلك "الأزمة السورية" حيث هناك من يؤيد نظام بشار الأسد مثل مصر ودول الخليج ما عدا قطر والسعودية وغيرها وهناك من هو ضد هذا النظام مثل السعودية وقطر وهناك الحياديون مثل تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وقس على ذلك ما تشاء.

وللإجابة على السؤال علينا الربط بما يحدث في انتفاضة القدس بفلسطين، وعدم قدرة "إسرائيل" على إخماد هذه الانتفاضة، وبين الإعلان عن القنصلية بهذا الوقت بالتحديد، حيث إن "إسرائيل" استخدمت القوة في إخمادها ولم تفلح، لذا هي تستخدم طرقا أخرى مثل قضية القنصلية مما يلفت الأنظار نحو الإمارات وهذا ما عبّر عنه وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "يغآل أردان" بقوله: "قرار أبو ظبي ضربة لحركة المقاطعة الدولية علينا"، ومن الطرق الأخرى التي تجدها "إسرائيل" هي أن قبول هذه الدول لكيانها يعتبر بمثابة رضا تام عما تقوم به "إسرائيل" بحق الفلسطينيين، وهذا ما قاله صراحةً رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست "تساحي هنغبي".

 

ولكننا لا ننسى أنه في السنوات الأخيرة، بدأ نفوذ إيراني كبير في البلدان العربية وخاصة الخليجية ما دفعهم إلى التقرب من "إسرائيل"؛ بل والارتماء في أحضانها إن صح التعبير عن طريق التطبيع معهم وتوقيع عدة اتفاقات قد تكون سرية بينهم، لا بل وصل الأمر حد نشر افتتاحيات في صحف إسرائيلية كبيرة مثلما فعل رئيس المخابرات السعودي السابق "تركي الفيصل" العام الماضي في صحيفة هآرتس وقوله في الافتتاحية بأنه مع حل الدولتين للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ فهو بذلك قد ساوى الجلاد والضحية وأنكر صراحةً الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.

 

وأيضاً لا ننسى وجود رحلات جوية سرية عادية بين أبوظبي وتل أبيب، على الرغم من الحظر المزعوم على المواطنين الإسرائيليين لدخول دولة الإمارات العربية المتحدة.

 

لذا لا نتعجب ولا نستغرب وصول الشعوب العربية لهذه المرحلة، والقبول بالوضع الراهن والأمر الواقع، حيث من ينسى تاريخه وينكره ويضع المبررات لأفعاله لن يجد مستقبله، فمعرفة التاريخ تجعلنا نفهم الحياة في كل عصورها ونستطيع من خلالها إيجاد الحلول لكل الأزمات؛ لأن دراسة الماضي تفيد في الحاضر وتسهل التنبؤ بالمستقبل.

مسعود مرتجى - فلسطين