اعل ولد فال يحاضر أمام قادة حلف الأطلسي ويدعو لتعاون أكثر إحكاما بين أوروبا وأفريقيا

22 نوفمبر, 2015 - 23:02

 «القدس العربي»: دعا الرئيس الموريتاني الأسبق العقيد علي ولد محمد فال «لإرساء تنسيق وتعاون أكثر إحكاما بين القارتين الأوروبية والأفريقية في مجالات الأمن والتنمية، وذلك لاحتياج كل من القارتين للأخرى».
جاءت الدعوة ضمن محاضرة ألقاها العقيد فال أمس في بروكسل أمام قيادة حلف شمال الأطلسي تحت عنوان «أي استراتيجية تلزم لأفريقيا في مواجهة التحديات الكبرى».
وأكد «أن القارة الأفريقية تواجه تحديات أمنية بالغة الخطورة لا يمكنها أن تجابهها بمفردها ما يجعل من اللازم إرساء تعاون استيراتيجي مع القارات الأخرى، وبخاصة القارة الأوروبية التي هي ثاني قارة مهددة على المستوى الأمني». 
وأوضح فال الذي تولى على مدى عقدين الإدارة العامة للأمن الوطني في موريتانيا، كما قاد فترة انتقالية ناجحة عام 2005، «أن أفريقيا تواجه تحديات داخلية وأخرى خارجية»، مبرزا «أن القارة تواجه في الداخل تحديات الفقر والجفاف وهو ما جعل ثلاثا وثلاثين دولة من أصل الدول الثماني والأربعين الأقل تقدما في العالم، هي دول تنتمي لأفريقيا».
«ينضاف لهذا، يقول العقيد فال، أن معدل النمو الديموغرافي للقارة مرتفع للغاية فهو من أكثر معدلات زياة السكان عبر العالم، وتشكل الفئات العمرية الشابة غالبية بين السكان وهذا ما يشكل تحديا كبيرا لتزامنه مع ظرفية عصيبة تتميز بارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وانتشار الأوبئة، وتهريب الأسلحة والمخدرات، والاتجار بالبشر».
وتوقف ولد فال مطولا أمام ظاهرة الإرهاب بوصفها التحدي الكبير الذي تواجهه القارة الأفريقية فأكد «ان الإرهاب وصل لدرجة من الخطورة غير مسبوقة حيث أصبح الإرهابيون يقلبون الحكومات ويستولون على السلطة». 
وقال «إذا كان محاولات الإرهابيين الاستيلاء على السلطة قد فشلت في الجزائر وأوقفت في مالي، فإنها قد نجحت في الصومال التي هي بلد أفريقي يعاني من تحديات الفقر وظواهر تهريب السلاح والاتجار بالمخدرات».
وأكد «أن ظاهرة ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب هي التي تجعل الكثيرين منهم يهاجرون سرا إلى أوروبا أو يلتحقون بالتنظيمات الإرهابية المسلحة».
وتحدث الرئيس الموريتاني الأسبق عن التحديات الخارجية التي تواجه القارة الأفريقية فأوضح «أن من بينها تحول الإرهاب بسبب تراخي المجموعة الدولية في محاربته، إلى عدو عابر للحدود لا يعرف له مكان محدد ولا يعرف مدى لبطشه بالأرواح وتهديده للأمم». 
ومن التحديات الخارجية للقارة الأفريقية التي ذكرها العقيد فال «النزاعات المسلحة وحروب الدول المتجاورة حتى داخل البلد الواحد، كل هذا، يضيف ولد فال، أدى لتفقير السكان والانتشار الفوضوي للأسلحة وهي ظواهر تعتبر أخطر من الحروب».
ومن ضمن التحديات التي ذكرها المحاضر كذلك، الجريمة العابرة للحدود فأكد أنها «تعرقل التجارة العالمية وبخاصة منها أعمال القرصنة التي لا تتوقف عند الصومال وحدها، بل تجاوزتها لمناطق كثيرة، كما يشهد على ذلك الهجوم على ناقلة النفط السعودية في شواطئ كينيا». وقال «إن هذه التحديات التي تبدو تحديات تخص أفريقيا، تعتبر في حقيقة الأمر تهديدا للعالم كله، وبالذات تهديدا للقارة الأوروبية، وهو ما يجعل تضافر الجهود أمرا لازما لمواجهة هذه المعضلات».
وأضاف «لا بد من بروز إرادة دولية صلبة وحازمة تبدأ بإرساء حياة ديموقراطية حقيقية في دول القارة متزامنة مع محاربة لا هوادة فيها للممارسات غير الديمقراطية، وكذا مع قطيعة كاملة للأنظمة الفاسدة التي تحول بلدانها إلى ميدان خصب للفوضى وعدم الاستقرار بل وتحولها لقنابل موقوتة قد تنفجر في أية لحظة». 
وأكد العقيد فال «أنه إذا لم يتبن كل من الجنوب والشمال مقاربة تشاركية لمواجهة التحديات فإن ذلك سينعكس سلبا على القارة الأفريقية في المقام الأول، قبل أن تنتشر لتهدم أسس السلام والأمن في أوروبا بل في العالم أجمع».
وشدد على اقتناعه بأن «العالم إذا ساعد أفريقيا على تجاوز التحديات التي تواجهها فإن التأثير الإيجابي لذلك سيتجاوز نطاق الأمن والسياسة لينعكس على التجارة العالمية، وذلك بسبب أن أفريقيا مصدر كبير للمواد الأولية، كما أنها المستهلك الأول للمنتوجات الأوروبية».
وقدم العقيد فال مقترحات لإرساء شراكة متعددة الأبعاد بين القارتين الأوروبية والأفريقية في مقدمتها «مساعدة شعوب القارة في إيجاد أنظمة ديمقراطية دستورية حقيقية قادرة على مواجهة الاهتزازات وعلى ضمان الاستقرار».
واقترح كذلك «القيام بعمل منسق لتجفيف منابع الإرهاب عبر تحليل للظاهرة وعبر دعم وتعميم الإسلام المعتدل». 
ودعا العقيد ولد محمد فال «إلى تكليف خبراء من قارتي أوروبا وأفريقيا لوضع استيراتيجية أمنية لبناء مستقبل أفضل».
وأشار في الأخير إلى «أن محاولات تنسيق الجهود بين القارتين ما تزال محدودة ومركزة على بعض المناطق، كما هو حال الشراكة المتوسطية»؛ مؤكدا أن «مؤتمر أفريقيا وأوروبا حول الهجرة الذي انعقد قبل أيام قد أحيا الأمل في النفوس، لكونه قد يشكل بداية صحيحة لانطلاق تعاون أمني حازم بين القارتين اللتين تحتاج كل منهما للأخرى»، حسب قوله.