البعثة الدبلوماسية المغربية بموريتانيا ..مقترحات لتطوير الأداء

22 نوفمبر, 2015 - 13:09

العمل الدبلوماسي جهد راق يقوم على أساس تمتين العلاقات بين البلدان، وتنويع أطر التعاون والمشاركة، وتأمين الحد الأدنى من سلامة العلاقات بتخفيف ما قد يظهر من صور التجافي بين الأنظمة، لا سيما في البلدان المتجاورة، التي تحتاج إلى تعيين أفضل الدبلوماسيين وأكثرهم حنكة، وأعمقهم دراية بتاريخ وأوضاع البلد الذي يمثل موطنه فيه..

لقد فوت ضعف العمل الدبلوماسي في إفريقيا وخاصة بدول الجوار على المغرب فرصا عديدة كان من شأنها الإعانة على تقوية موقعه الإقليمي والدولي، خاصة أن سجله في العلاقات الدولية يحتاج إلى دعم خيارات المغرب المسالم، الحريص على التفاعل مع محيطه بانفتاح معقلن، وتميُّز يحفظ له أصالته، كما يفتقر إلى روح السبق للإسهام الإيجابي في معالجة المشكلات العالقة بين بلدان إفريقيا، والدفاع عن مصالحها في المنتديات الدولية، والعمل على الخلاص من عقدة الارتهان للدوائر الدولية المؤثرة بسبب ملف الصحراء...

إن من أبرز مظاهر ضعف عمل البعثة المغربية بموريتانيا مثلا استمرار تجاهل المبادرة التجديد لما يحقق النهوض بالعلاقات الثنائية بين البلدين خاصة على مستوى الخدمات التي يحتاجها المواطنون من البلدين...

فكثير من مرتفقي المصالح القنصلية المغربية بموريتانيا، يعبر بسخط وامتعاض من نوعية الخدمات التي تقدمها تلك المصالح، تتمحور حول إجراءات الحصول على التأشيرات، والحديث عن شبكة وسطاء في غنى عنهم، وضعف التواصل مع وسائل الإعلام المحلية وربما التعامل معها بانتقائية، فضلا عن غياب شبه كلي وعدم الإسهام في الأنشطة العلمية والثقافية، وغير ذلك من الأمور التي تؤثر بلا شك على العلاقات المغربية والموريتانية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا...

والحاجة اليوم ماسة إلى التركيز على العلاقات الشعبية بوصفها المدخل الحقيقي لاستقرار العلاقات الرسمية، ويتجدد مطلب الدفع بها إلى الأمام، للتخفيف من وطأة المواقف المسبقة ـ إن وجدت ـ فضلا عن تلك المتولدة عن سوء التدبير...

وفي هذا السياق نقترح المفردات التالية إسهاما في تطوير الأداء وتحقيق قدر من النجاعة في طرق العمل :

1. تيسير الحصول على التأشيرات خاصة لمن سبق له الحصول عليها، كما تفعل ذلك سائر الدول، وتنظيم تلقي طلباتها، والإجابة عليها في آجال محددة قصيرة، واستعمال وسائل التواصل من هاتف وانترنيت، وتلقي الملاحظات على نشاط البعثة الدبلوماسية، ثم ضبط مواعيد الاستقبال، لقطع الطريق على السماسرة،...

2. إعطاء الأولوية القصوى للمرضى والمسنين بتسريع تمكينهم من التأشيرة للتوجه إلى مستشفيات المملكة بدل الذهاب مضطرين إلى تونس أو دكار، وكذلك العناية البالغة بالطلبة ومستعملي الطريق البري من سائقين وصغار التجار، فضلا عن رجال الأعمال، ومشايخ الطرق الصوفية، وأساتذة الجامعات والباحثين، والإعلاميين والفنيين بالسعي إلى تحسين الخدمات المقدمة إليهم.

3. الانتباه إلى أهمية الزوار الموريتانيين لحركة السياحة بالداخلة والعيون، وتأثيرهم على الحركة التجارية والاقتصادية بالصحراء، فضلا عن مدن الشمال مثل الدار البيضاء وأكادير التي يختارها نخبة من رجال الأعمال لقضاء عطلهم رفقة أسرهم...

4. بناء قاعدة بيانات لمعلومات الفئات المذكورة، وإشراكها في الأنشطة الثقافية والعلمية الوطنية، ودعوتهم حسب المتيسر لحضور الاحتفالات الرسمية المغربية التي تقيمها البعثة الديبلوماسية سواء في نواذيبو أو نواكشوط...

5. تطوير الخدمات العلمية والثقافية للمركز الثقافي المغربي بنواكشوط، ببرمجة أنشطة علمية وبحثية دورية منتظمة، وإبرام شراكات مع المؤسسات العلمية والثقافية، ومراكز البحث المختلفة، وإشراك الجامعيين وذوي الاختصاص مع وضع محاور متنوعة تخدم الإطار العام للعلاقات الثنائية على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ثم السياسية...

6. إرفاد مكتبة المركز ـ بصفة متواصلة ـ بالجديد من المؤلفات المغربية، خاصة إصدارات الرابطة المحمدية للعلماء، والمجالس العلمية، ووزارتي الثقافة والأوقاف، ودوريات الجامعات المغربية، وتكليف من يقوم بالبحث عن هذه الإصدارات وتمكين المركز منها، وأسهل طريقة بالنسبة للمؤسسات العلمية والجامعية والحكومية مراسلتها في هذا الشأن من قبل السيد مدير المركز، أو السيد السفير والإلحاح في ذلك.

7. التفكير في إمكانية فتح فروع له في المدن الأساسية من مثل : العيون حيث جامعة العلوم الإسلامية، وفي نواذيبو وأطار... أو تنظيم أنشطة مشتركة مع مؤسسات محلية في هذه المدن..

8. حسن العناية بمعلمة مسجد المغرب ومحيطه، بالتنظيف والتشجير والكهربة والترصيف؛ خاصة أن منارته صارت تظهر شامخة بعد التوسعة الأخيرة للشارع الذي يوجد في منتهاه.

وما ذكر بالنسبة للجارة موريتانيا يسري في عمومه على غيرها من الدول الإفريقية، فضلا عن ضرورة توجيه العناية الخاصة بجموع المهاجرين الأفارقة الذين اختاروا الإقامة بالمغرب، واستفادوا من التسهيلات المتعلقة بها... ويبقى التحدي الأكبر توفير المحاضن العلمية والاجتماعية التي تكفل لهم العيش بكرامة، حتى يستفيد البلد من كفاءاتهم ومهاراتهم بعد ترقيتها...

محمد سالم إنجيه